نظرة عابرة على مقالة فقه التيسير

 الأستاذ : سليم عبد القادر

أخي ....

تريد مني ردا على كلام الدكتور رفيق المصري، بشأن مقاله عن برنامج الشريعة والحياة, وما قاله في حق علامة الأمة الشيخ يوسف القرضاوي...!!

وهل الدكتور القرضاوي يحتاج من يدافع عنه!؟

 وهل كلام الدكتور المصري كلام عالم عاقل فيُرد عليه؟!

أما الشيخ يوسف القرضاوي فيحتاج إلى قراءة المعوذتين سبعين مرة في اليوم...لما كتب الله له من القبول والحب عند عامة الأمة وخاصتها، وهو أمر لم يحصل إلا لثلة من علماء الإسلام في تاريخه الطويل... الشيخ أمة وحده، في غزارة العلم ، ورجاحة العقل، ومعرفة الواقع، وإدراك مقاصد الشريعة الغراء... المأمول من الشيخ يوسف لو بلغه مقال الدكتور المصري ألا يزيد على أن يبتسم ويرميه وراء ظهره, وأن يصلي ركعتي شكر لله تعالى على ما أكرمه به من آلاء... فكل ذي نعمة مغبون.

أما الأخ المصري رفيق ، فالحق أنه لم يكن في مقاله رفيقا ولا رقيقا ولا أنيقا...  فإن كان مخلصا فيما يقول فهداه الله ، وإن كان مغرضا فأصلحه الله.. و لنتناول بعجالة بعض الأفكار التي طرحها، والتي يرد عليها طالب الثانوية العامة..

قال بأن ما يقوله الشيخ عن فقه التيسيير ليس فيه إضافة.. وهذا، إن صح ( وهو غير صحيح ) فهو طبيعي، فالشيخ يطرح فكرة شديدة الأهمية ،لا زيّا يتغير كل فصل أو كل عام..! ومن حق الشيخ أن يعيد طرحها مرات ومرات، بأشكال وأساليب متجددة كعادته، حتى تتحول إلى حقيقة راسخة في حياة الأمة...التيسير مقابل التعسير، والتبشير مقابل التنفير..على أن التكرار ظاهرة قرآنية لا تغيب عن عين البصير الخبير، وذلك أمر مرتبط بالسياق والمناسبة والغرض..كما أنه ظاهرة في علم الحديث، فالحديث الواحد يأتي في صيغ متعددة، كما يأتي في كتب الحديث في أبواب شتى...ثم ما الذي يدفع الدكتور المصري إلى متابعة الشيخ في كتاباته وأحاديثه إن كان الشيخ يكرر ولا يضيف؟

 اليوم تشيع في الفكر الإسلامي مصطلحات تعيد التوازن إلى حياتنا، كالوسطية والاعتدال وفقه التيسير وفقه الموازنات وغيرها، يرجع الفضل في إخراجها وتثبيتها إلى الشيخ القرضاوي حفظه الله.

زعم أن الشيخ لا يعبأ بالنقد الموجه إليه، والسؤال: ما يدريه؟ لكن وقت الشيخ أثمن من أن يبدده في الجدل...وهذا دأب الكبار.

قال إنه ليس هناك عالم ( آمل ألا يكون يعني نفسه) يستطيع أن يطرح على الشيخ أسئلة محرجة... فلِمَ هذه الشهوة المريضة !؟

عاب على الشيخ أن ميز بين الأخذ بالرخص وتتبع الرخص. ورأى أن الأول يفضي بالضرورة إلى الثاني، وهو استنتاج ساذج باطل من كل الوجوه... ولو كنا مستشهدين بالشعر لذكرنا قول أبي الطيب: وكم من عائب قولا صحيحا.. ولكان استشهادنا أوجهَ من استشهاده الردئ بابن الرومي

زعم أن فقه الشيخ كله ( هكذا مرة واحدة) تتبع للرخص, بل تتبع للحيل... ونحن نقول سبحانك ربنا هذا بهتان عظيم..

هناك عبارات رخيصة لا تستحق التوقف عندها كقوله : ( تحت عباءة فقه التيسير...يصف الشيخ خصومه بالمتشددين من باب الحيلة... يا زعيم التيسير والوسطية.).إلخ

أسوأ من ذلك أن يتهم من يعدّهم تلاميذ الشيخ ، بحق أو بغير حق، بأنهم حولوا نبع الشرع الصافي إلى مياه للصرف الصحي!!

بارك الله في الدكتور. ولا فض فوه.هذه هي لغة العلم والأدب والنقد والدين...وإذا كان نحوي قال لرجل جاء يعزيه في وفاة أبيه فلحن: لموت أبي أهون علي من لحنك، فنحن نقول لأخينا المصري إن كل النقاط الموهومة المزعومة التي أثرتها على الشيخ الكبير أهون علينا مما بدر منك. !!

ثم غرّب الدكتور المصري وشرّق ، وأتى بحزمة من الاتهامات, خالطا الحابل بالنابل، والنابل بالحابل ، مع ما تيسر له من التوابل... خلطا لا يسمح لرجل يحترم وقته وعقله أن يتوقف عندها لمناقشتها...يريد أن يغالط نفسه وغيره  ، مع أن مواقف الشيخ من قضايا الأمة مواقف مشهودة معروفة... مواقف عزة وكرامة لا يقفها إلا رجال كالجبال, لا يخافون في الله لومة لائم..فهل للدكتور المصري شيء من ذلك، فواعجبا!!

 كما وجه نصيحة لقناة الجزيرة هي أدرى بمعانيها وقيمتها...

أخي ...
طوبى لمن فضّل الذوق على العلم.. وأنت تعلم أن درهم علم يحتاج قنطار عقل..
أخي ...
لقد رأيت عددا من الناس ينتقدون الشيخ ظانين أنهم أولى ببرنامج الشريعة والحياة منه..فذرهم في أوهامهم يسرحون... مع أن الشيخ هو الذي جعل للبرنامج مشاهدين.. وحين يغيب الشيخ ويأتي غيره يظهر الفرق واضحا... ولو ان هؤلاء المساكين ظهروا في البرنامج مرات قليلة لنفد مخزونهم وظهر فقرهم..

بقي أمر أشير إليه، وهو أني قرأت قدرا لا بأس به من النقد الأدبي والفكري لكتاب غربيين، فوجدتهم يشيرون إلى اختلافاتهم بأدب جم، نحن المسلمين أولى به... يقول أحدهم مثلا : إن الناقد( فلان) يرى أن شكسبير أعظم كاتب مسرحي. وأنا أخالفه الرأي، وأرى أن برناردشو أفضل منه ..

وأخيرا.. فلننظر إلى جهود علمائنا بالتقدير اللائق مهما اختلفنا معهم..وليكن لنا من ديننا الحنيف أدب النقد والحوار.. وأنا أرى أن الدكتور المصري لو رجع فقرأ مقاله لأدرك ما فيه من عجلة ورعونة..ولحزن على ما فرط منه من إساءة إلى رجل لا يستحق منا غير الحب والتقدير، وأن ندعو الله له أن يمد في عمره، وينفع به... فهو إمام هذا العصر في الدعوة والوسطية والاعتدال..والتيسير.

     سليم عبد القادر

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين