الجوائح في الإسلام (9) غلاء الشام والعراق

(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) صدق الله العظيم.

غلاء الشام والعراق

بسبب القحط والجدب وانتشار الجراد وهلك الزرع والثمار حصل بالعراق والشام غلاء شديد سنة (622هـ/1225م)، وتبع ذلك انعدام الأقوات، ثم حلت مجاعة في هذه البلاد، وتفشى بين الناس الفناء، فمات بسبب هذه المجاعة خلق كثير في بلاد العراق والشام.

غلاء بغداد

عُدمت الأموال وقلت الأقوات وغلت الأسعار جداً في بغداد سنة (643هـ/1245م)، حتى بلغ ثمن الغرارة (وعاء من الخيش ونحوه يوضع فيه القمح ونحوه، وهو أكبر من الجوالق. وجمعها: غرائر). ألف وستمائة دينار، وقنطار الدقيق تسعمائة، والخبز كل وقيتين إلا ربع بدرهم، ورطل اللحم بسبعة، وبيعت الأملاك والدور مقابل الدقيق، وأُكلت القطط والكلاب والميتات. ومات الناس من الجوع في الطرقات، وعجزوا عن التغسيل والتكفين والإقبار، فكانوا يلقون موتاهم في الآبار، حتى أنتنت المدينة وضجر الناس.

وذكر (الشيخ شهاب الدين) - أبو شامة - أن الأسعار غلت في هذه السنة جداً، وهلك الصعاليك بالطرقات وهم يسألون لقمة، ثم صاروا يسألون لبابة، ثم تنازلوا إلى فلس يشترون به نخالة يبلونها ويأكلونها كالدجاج.

غلاء مصر

حل بمصر سنة (694هـ/1294م) غلاء تبعه فناء شديد أتى على الألوف من الناس من الجوع الذي أصابهم، وكان الناس يحفرون الحفيرة ويضعون بها العشرات حتى قيل إنه مات في شهر ذي الحجة وحده نحو من عشرين ألف نفس.

ودامت المجاعة إلى السنة القابلة، والفناء يفعل فعله بديار مصر، حيث تفانى الناس إلا قليلاً، فقد كانوا يحفرون الحفيرة فيدفنون فيها الفئام - الجماعة من الناس - والأسعار في ازدياد وغلاء، والأقوات في غاية القلة والندران، والموت جار في الناس فقد مات في شهر صفر مئة وثلاثون ألف نفس، ووقع غلاء بالشام، فبلغت الغرارة إلى مئتين.

واشتد وعلا الفناء وازداد الفناء بين الناس بمصر، حتى قيل إنه بيع الفروج بالإسكندرية بستة وثلاثين درهماً، وبالقاهرة بتسعة عشر، والبيض كل ثلاثة بدرهم، وأفنيت الحمير والخيل والبغال والكلاب من أكل الناس لها، ولم يبق شيء من هذه الحيوانات يلوح إلا أكلوه.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين