نَظَراتٌ فِي اللُّغةِ وَالنَّحْوِ

اللُّغَةُ العَرَبِيَّةُ هِيَ لُغَةُ أُمَّةٍ عريقةٍ ضَارِبةٍ فِي جُذُورِ التَّارِيخِ، لُغَةُ فِكرِها وَثَقافَتِها وَعقِيدَتِها، فَنَحنُ -العَربَ- مُطَالَبُونَ الآنَ-أكثَرَ مِن أيِّ وَقتٍ مَضَى- بالمُحافَظَةِ علَى هذا الكَنزِ العَظِيمِ بِوصفِها لَغةَ القُرآنِ وَالعَقِيدةِ وَالثقافَةِ والهُوِيِّةِ.

وأمَّا أبناءُ العربِيَّةِ وَطُلَّابُها فَهُم بِحَاجةٍ لِمَن يُبَصِّرُهُم بِأهميةِ لُغَتِهِم وَيُحَفِّزُهم علَى الإِقبَالِ علَيهَا وَتذوُّقِ حَلاوَتِها وَرَوعةِ بَيانِها، خاصَّةً بَعدَ أَنْ انتَشَرَ اللَّحنُ وَكَثُرَ الخَطأُ فِي كَثيرٍ مِن الكُتُبِ.

وَقَدْ قَالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيمِيةَ -رَحِمَهُ اللهُ-(ت 728 هـ): " اللُّغَةُ العَربيَّةُ مِن الدِّينِ، وَمَعرِفَتُها فَرضٌ وَاجِبٌ، فَإنَّ فَهمَ الكِتابِ وَالسنَّةِ فَرضٌ، وَلا يُفهَمُ إِلَّا بِفَهمِ اللُّغةِ العربيَّةِ، وَما لا يَتِمُّ الوَاجِبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ" (1).

فَصَارَتْ مَعرفَةُ اللُّغةِ العَربِيَّةِ ضَرُورةً لِكُلِّ مُسلِمٍ حتَّى يَقومَ بِشَعائِرِهِ التَّعبُّدِيَّةِ وَيَتَمَكَّنَ مِن تِلاوةِ القُرآنِ الكَريمِ الَّذِي أَنزَلَهُ اللهُ بِاللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ، فَقَالَ اللهُ تَعَالَى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (2) .

وَمِنْ ذلِكَ قَولِ اللهِ تَعالَى: ﴿وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ﴾ (3)، وَعلَى هذِهِ القِراءةِ، فَإِنَّ ابنَ عبَّاسٍ-رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا- (ت68هـ) قَاْلَ: وَعِبَادَتَكَ، قَالُوا: فَاسْمُ اللهِ مُشتَقٌّ مِن هذا الفِعلِ، لأَنَّهُ يَألَهُهُ كُلُّ خَلقٍ وَيَعبُدُهُ. وَاختُلِفَ كَيَفَ عَلَّلُوا " إِلَهَ "، فَقِيلَ: حُذِفَتِ الهَمزَةُ حَذْفاً علَى غَيرِ قِياسٍ وَدَخَلَتِ الأَلِفُ وَاللَّامُ لِلتَّعظِيمِ علَى (لَاْه)، وَقِيلَ: بَلْ دَخَلَتَا علَى إِلهٍ ثُمَّ نُقِلَتْ حَرَكةُ الهَمزةِ إِلَى اللَّامِ فَجَاءَ اللَّاهُ ثُمَّ أُدغِمَتْ اللَّامُ فِي اللَّامِ. وَقِيلَ: إِنَّ أَصلَ الكَلِمَةِ لَاْهٍ، وَعلَيهِ دَخَلَتِ الأَلِفُ وَاللَّامُ. وَالأَوَّلُ أَقوَى.

وَرُوِيَ عن الخلِيلِ (ت175هـ) أَنَّ أَصلَ إِلهٍ وَلَاهٍ وَأَنَّ الهَمزَةَ مُبدَلَةٌ مِن وَاوٍ كَمَا فِي إِشَاحٍ وَوِشَاحٍ وَإِسَادَةٍ وَوِسَادةٍ، وَقِيلَ: إِنَّ أَصلَ الكَلِمةِ وَلاهٍ، كَمَا قَالَ الخَلِيلُ، إِلَّا أَنَّهَا مَأخُوذةٌ مِنْ وَلِهَ الرَّجُلُ إِذا تَحَيَّرَ، لأَنَّهُ -تَعَالَى- تَتَحَيَّرُ لَهُ القُلُوبُ فِي حَقَائِقِ صِفَاتِهِ، وَالفِكرُ فِي المَعرِفةِ بِهِ، وَحُذِفَتِ الأَلِفُ الأَخِيرةُ مِن (اللهِ) لِئَلَّا يُشكِلُ بِخَطِّ اللَّاتِ، وَقِيلَ: طُرِحَتْ تَخفِيفاً (4).

وَإِذا أَرَدنا أَنْ نُحلِّلَ هذِهِ الكَلِمةَ صَرفِيَّاً وَصَوتِيَّاً لَوَجَدْناهَا علَى وزنِ " فِعَالٍ ". فـ " إِلَاْهٌ " اسمٌ ثُلاثِيٌّ مَزِيدٌ فِيهِ حرفٌ بينَ العَينِ واللَّامِ، صَحِيحُ الآخِرِ، حُذِفَتْ مِنهُ الأَلِفُ رَسماً. وَهُوَ اسمُ جِنسٍ جَامِدٌ يَدُلُّ علَى ذَاتٍ، مَنقُولٌ مِنْ مُشتقٍّ علَى وَزنِ " فِعَال "، بِمَعنَى مَفعُول، مِن مَصدَرِ: أُلِهَ يُؤلَهُ

يُوقَفُ علَيهِ بِالسُّكُونِ المُجَرَّدِ. وَيَجُوزُ الرَّومُ، وَالتِقَاءُ السَّاكِنَينِ، فِي الوَقفِ. وَتَجُوزُ إِمَالَةُ الأَلِفِ، لِأَنَّها بَينَ كَسرَتَينِ. وَلاْمُ التَّعرِيفِ سَاكِنَةٌ، فَجِيءَ بِهَمزَةِ الوَصلِ، لِلتَّمكُّنِ مِن النُّطقِ بِالسَّاكِنِ، وَتَسقُطُ فِي الوَصلِ لَفظاً. وَيَجُوزُ حَذْفُ الهَمزَةِ الثَّانِيةِ، وَإِلقَاءُ حَرَكَتِهَا علَى السَّاكِنِ قَبلَهَا. وَهذا قِيَاسُ الأَصلِ. وَالمَشهُورُ هُوَ حَذْفُ الهَمزَةِ دُونَ نَقلِ الحَرَكَةِ، عَلَى غَيرِ قِيَاسٍ: اللهُ. 

وَفِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِيْنَ اشْتَرُوُا الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوْا مُهْتَدِيْنَ﴾ (5) نَجِدُ الفِعلَ (اشتَرَى) وَهُوَ فِعلٌ خُمَاسي علَى وَزنِ (افْتَعَلَ) تَحَرَّكَتْ مِنهُ وَاوُ الجَمَاعةِ لِالتِقَاءِ السَّاكِنَينِ فَضُمَّتْ، وَقَد حرَّكَها بَعضُهُم بِالكَسرِ (6)، فَقَالَ: ﴿اِشْتَرَوِا الضَّلالَةَ﴾ لأنَّ اجتِمَاعَ السَّاكِنَيْنِ يُوجِبُ كَسرَ الأُولَى إِذا كَانَا مِن كَلِمَتَيْنِ، وَالقِرَاءَةُ المُجمَعُ علَيهَا: (اِشْتَرَوُا الضَّلالَةَ) بِالضَّمِّ. وَ﴿اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ﴾, أَصْلُهُ اشْتَرَيُوا فَاسْتُثْقِلَتِ الضَّمَّةُ عَلَى اليَاءِ فَحُذِفَتْ، فَاجْتَمَعَ سَاكِنَانِ اليَاءُ وَالوَاوُ فَحُذِفَتِ اليَاءُ، وَحُرِّكَتِ الوَاوُ بِحَرَكَتِهَا لَمَّا اسْتَقْبَلَهَا سَاكِنٌ, وَقِيلَ: الصَّحِيحُ فِي تَعْلِيلِهِ أَنَّ الْيَاءَ لَمَّا تَحَرَّكَتْ فِي اشْتَرَيُوا وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ أَلِفًا ثُمَّ حُذِفَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ.

وَنَقُولُ: إنَّ " اِشْتَرَوُا " علَى وَزنِ " اِفْتَعَوُا "فِعلٌ ماضٍ ثُلاثِيٌّ مَزيدٌ فِيهِ حَرفانِ، بينَهُما الفَاءُ. وَالزِّيَادَةُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ. وَهُوَ لَيسَ علَى وَزنِ الرُّباعِيِّ، نَاقِصٌ، وَالأَلِفُ زَائِدةٌ رَسماً. وَأَصلُهُ " اِشْتَرَيَ " قُلِبَتِ اليَاءُ أَلِفاً، لِتَحَرُّكِها بَعدَ فَتحٍ. يُوقَفُ علَيهِ بِالسُّكُونِ المُجَرَّدِ، وَتَجُوزُ إِمَالَةُ الأَلِفِ، لأَنَّها مُتطَرِّفةٌ فَوقَ الثَّالِثةِ، وَمُنقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ. وَالشِّينُ سَاكِنَةٌ، فَجِيءَ بِهَمزَةِ الوَصلِ لِلتَّمَكُّنِ مِن النُّطقِ بِالسَّاكِنِ، وَتَسقُطُ فِي الوَصلِ لَفظَاً مَعَ النُّونِ مِن " الَّذِينَ ".

وَنَقَلَ ابن عطيَّة أنَّ: " أَصلَهُ اشْتَرَيُوا تَحَرَّكَتْ اليَاءُ وانفَتَحَ ما قَبلَهَا، فَانقَلَبَتْ أَلِفاً فَحُذِفَتْ لِالتِقاءِ السَّاكِنَينِ، وَقِيلَ استُثقِلَتِ الضَّمَّةُ علَى اليَاءِ فَسُكِّنَتْ، وَحُذِفَتْ للالِتِقاءِ، وَحُرِّكَتِ الوَاوُ بَعدَ ذلِكَ للالتِقَاءِ بِالسَّاكِنِ بَعدَهَا، وَخُصَّتْ بِالضَّمِّ لِوُجُوهٍ، مِنهَا: أَنَّ الضَّمَّةَ أُخْتُ الوَاوِ وَأَخَفُّ الحَرَكاتِ علَيهَا، وَمِنهَا أَنَّهُ لَمَّا كانَتْ وَاوُ جَماعةٍ ضُمَّتْ كَمَا فُعِلَ بِالنُّونِ فِي نَحنُ. وَمِنهَا أَنَّها ضُمَّتْ إِتباعاً لِحركةِ اليَاءِ المَحذُوفةِ قَبلَهَا. وَقَالَ أَبُو علِيٍّ: صارَ الضمُّ فِيها أَولَى لِيَفصِلَ بينَهَا وَبَينَ وَاوِ (أَوٍ) وَلَوٍّ) إِذْ هذانِ يُحرَّكانِ بالكَسرِ" (7).

وَفِي قَولِهِ تَعَاْلَى: ﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ، وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ﴾ (8) قَالَ أَبُو حَيَّانَ: " وَ(الزَّادُ) هُوَ ما يِستَصحِبُهُ الإِنسَانُ لِلسَّفَرِ مِن مَأكُولٍ وَمَشرُوبٍ وَمَركُوبٍ وَمَلبُوسٍ إِنِ احتَاجَ إِلَى ذلِكَ، وَأَلِفُهُ مُنقَلِبَةٌ عن وَاوٍ، يَدُلُّ علَى قَولُهُم: تَزَوَّدَ تَفَعَّلَ مِن الزَّادِ" (9).

وَمَعنَى الزَّوْدُ: تَأْسِيسُ الزَّادِ وَهُوَ طَعَامُ السَّفَرِ وَالحَضَرِ جَمِيعًا، وَالجَمْعُ أَزْوَادٌ. الأَزْوِدَةُ جَمْعُ زَادٍ عَلَى غَيْرِ القِيَاسِ؛ وَمِنْهُ: مَلَأْنَا أَزْوِدَتَنَا، يُرِيدُ مَزَاوِدَنَا، جَمْعُ مِزْوَدٍ حَمْلًا لَهُ عَلَى نَظِيرِهِ كَالْأَوْعِيَةِ فِي وِعَاءٍ، مِثْلَ مَا قَالُوا الْغَدَايَا وَالْعَشَايَا وَخَزَايَا وَنَ دَامَى. وَتَزَوَّدَ: اتَّخَذَ زَادًا ، وَزَوَّدَهُ بِالزَّادِ وَأَزَادَهُ، وَالْمِزْوَدُ: وِعَاءٌ يُجْعَلُ فِيهِ الزّاَدُ.

وَإِذا أَرَدنا أَنْ نُحلِّلَ هذِهِ الكَلِمةَ "الزَّاد "صَرفِيَّاً وَصَوتِيَّاً لَوَجَدْناهَا علَى وزنِ " الفَعْلِ ". اسمٌ ثُلاثِيٌّ مُجرَّدٌ. وَهُوَ اسمُ جِنسٍ مَعنَويٌّ جَامِدٌ. يَدُلُّ علَى ذاتٍ، صَحِيحُ الآخِرِ، مُذكَّرٌ مَجازِيٌّ. أَصلُهُ " زَوَدٌ "، قُلِبَتِ الوَاوُ أَلِفاً، لِتَحَرُّكِهَا بَعدَ فَتحٍ. وَقَدِ التَقَى فِيهِ، وَهُوَ كَلِمَتَانِ، مُتَقَارِبَانِ هُمَا لَامُ التَّعرِيفِ وَالزَّايُ، فَأُبدِلتِ اللَّامُ زَاياً، وَأُدغِمَتْ فِي الزَّايِ الثَّانِيةِ، وَهُوَ إِدغامٌ صَغِيرٌ وَاجِبٌ فِي اللَّفظِ، وَاللَّامُ زَائِدَةٌ رَسماً. يُوقَفُ علَيهِ بِالسُّكُونِ المُجَرَّدِ. وَيَجُوزُ الرَّومُ، وَالتِقَاءُ السَّاكِنَيْنِ، فِي الوَقفِ. وَتَجُوزُ إِمالَةُ الأَلِفِ. وَلَامُ التَّعرِيفِ سَاكِنَةٌ، فَجِيءَ بِهَمزَةِ الوَصلِ، لِلتَّمَكُّنِ مِن النُّطقِ بِالسَّاكِنِ، وَتَسقُطُ فِي الوَصلِ لَفظاً.

وَقَاْلَ تَعَاْلَى: ﴿فَأَرْسِلُونِ، يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِيقُ أَفْتِنَا﴾ (10). فِي الكَلامِ حَذْفٌ تَقدِيرُهُ: فَأَرسَلُوهُ إِلَى يُوسِفَ فَأَتاهُ فَقَالَ (11). 

وَقَاْلَ تَعَاْلَى: ﴿فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجمَعُوا أَنْ يَجعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الجُبِّ﴾ (12). بَينَ هذِهِ الجُملةِ وَالجُمَلِ الَّتِي قَبلَهَا مَحذُوفٌ يَدُلُّ علَيهِ المَعنَى، تَقدِيرُهُ: فَأَجَابَهُم إِلَى ما سَأَلُوهُ، وَأَرسَلَ مَعَهُم يُوسُفُ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ (13).

وَفِي قَولِهِ تَعَالَى: (وَمَا كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُم وَأَنْتَ فِيهِم، وَمَا كانَ اللهُ مُعذِّبَهُم، وَهُم يَستَغفِرُونَ) (14). جَاءَ خَبرُ (كانَ) الأُولَى علَى خِلافِ ما أَتَى بِهِ فِي الثَّانِيةِ، لماذا؟ وَهُنا نَقرأُ أَمرَيْنِ اثنَيْنِ، الأَوَّلُ: إِمَّا أَنْ يكونَ مَحذُوفاً، وَهُوَ الإِرادةُ، وهذا تَقدِيرُ البَصريِّينَ، أَي: " ما كانَ اللهُ مُرِيداً لِتَعذِيبِهِم، وَانتِفاءُ إِرادةِ التَّعذِيبِ أَبلَغُ مِن نَفيِ العَذابِ، وَالآَخرُ إِمَّا أَنَّهُ أَكَّدَهُ باللَّامِ علَى رأي الكُوفِيِّينَ لأنَّ وُجُودَهُ فِيهِم أَبلَغُ مِن استِغفارِهِم، فَشَتَّانَ بَينَ وُجُودِهِ علَيهِ-الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- فِيهِم وَبَينَ استِغفارِهِم" (15). 

وَوَجَدْتُ كَلامَ أبي حيَّانَ الأَندَلُسِيِّ (ت745هـ) كَلاماً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ إذ يَرى أَنَّ حُسْنَ المَسَاقِ لِهاتَيْنِ الجُملَتَيْنِ يُبهِرُ السَّامِعَ، فَقَالَ: " لمَّا كانَتْ كَينُونَتُهُ فِيهِم سَبَباً لانتِفاءِ تَعذِيبِهِم، أَكَّدَ خَبرَ كانَ بِاللَّامِ علَى رَأيِ الكُوفِيِّينَ، أَو جَعَلَ خَبرَ (كانَ) الإِرادةَ المنفِيَّةَ علَى رَأي البَصرِيِّينَ. وَانتِفاءُ الإِرادةِ لِلعَذابِ أَبلَغُ مِن انتِفاءِ العَذابِ. وَلمَّا كانَ استِغفارُهُم مِن دُونِ تلكَ الكَينُونةِ الشَّرِيفةِ لم يُؤكِّد بِاللَّامِ بل جَاءَ خبرُ كانَ قَولُهُ: (مُعَذِّبَهُم) فَشَتَّانَ ما بَينَ استِغفَارِهِم وَكَينُونَتِهِ-صلَّى اللهُ علَيهِ وَسَلَّمَ- فِيهِم" (16). 

=========

اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم : لأبي العباس أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام الحراني الدمشقي ابن تيمية (ت 728هـ)، تحقيق: ناصر بن عبدالكريم العقل/، مكتبة الرشد، الرياض، 2008م، 1: 470. 

الآية 9 من سورة الحجر.

1 الآية 127 من سورة الأعراف.

2 المحرر الوجيز 1: 63.

3 الآية 16 من سورة البقرة.

4 وهي قراءة ابن أبي إسحاق ويحيى بن يعمر، وقرأ بالفتح قعنب أبو السمال العدوي. ينظر: المحرر الوجيز 1: 98، وتفسير القرطبي 1: 147، والدر المصون 1: 127.وينظر المحتسب 1: 54.

5 المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز 1: 98. والبحر المحيط 1: 71، وتفسير القرطبي 1: 210، والدر المصون 1: 151، واللباب في علوم الكتاب 1: 368.

6 الآية 197 من سورة البقرة.

7 البحر المحيط 2: 92.

8 الآيتان 44-45 من سورة يوسف.

9 البحر 5: 315. وأمالي ابن الشجري 1: 359.

10 الآية 15 من سورة يوسف.

11 البحر 5: 287. 

12 الآية 33 من سورة الأنفال.

13 الدر المصون للسمين الحلبي 5: 598.

14 البحر المحيط لأبي حيان 4: 483.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين