قوّة الشعب كقوّة السيل إذا ضُبطت ووُجّهت تُعمّر..وإذا أُفلتتْ تُدمّر!

الشعب : المادّة التجارية الأولى ، للساسة :

لكلّ تاجر، أنواع من السلع ، يشتريها ويبيعها ! وسلعة السياسي ، التي يتاجر بها ، هي الشعب :

في الانتخابات : يَطلب أصوات الشعب ، يسعى إلى كسبها ، بشتى السبل المباحة ، عامّة ، وغير المباحة ، أحياناً ! وذلك ؛ كي يحقّق لنفسه فوزاً ، يتيح له الجلوس ، على كرسي : في برلمان ، أو رئاسة دولة ، أو وزارة، أو بلدية ، أو مجلس مختارية في قرية !

يتحدّث السياسي ، عادةً ، باسم الشعب ؛ فيردّد : الشعب يطلب كذا .. الشعب يريد كذا .. الشعب يصرّ على كذا .. الشعب يرفض الأمر الفلاني .. الشعب يهدّد بالتظاهر، إذا لم تحقّق مطالبه المشروعة ..!

وحين يعيِّن السياسي ، نفسَه ، ناطقاً رسمياً ، باسم الشعب ، يَعلم أن الشعب ، عامّة ، مختلف المشارب والتوجّهات ! كما يعلم أن الشعب ، بعمومه ، لا يكترث بمنصب الناطق العامّ ، باسمه ، وأن لهذا الشعب ، قيادات وأحزاباً ، تقوده ، أو تحرّكه ، أو توجّه حركته ! بَيدَ أن السياسي ، أيّ سياسي ، لايملك ، في عمله السياسي، إلاّ أن يتحدّث باسم الشعب ؛ لأن الشعب، هو، سلعته الوحيدة ! فإذا لم يتحدّث باسمه، فليس أمامه، إلاّ الحديث باسم نفسِه ، وهذا لايمنحه فرصة الفوز، في أيّة معركة انتخابية ، أو غيرها ! فلو قال أحدهم : أنا أريد كذا .. لقيل له : حَسنٌ ، وما علاقتنا بما تريد ؟

عناصر الإثارة والتحريض والتحريك ، للشعوب :

العقيدة : العقيدة الدينية ، هي من أهمّ عناصر التحريض والتحريك ، للشعوب المسلمة ، عامّة ! وكانت أهم عنصر تحريض ، للنصارى، في الحروب الصليبية ، التي شنّوها، للاستيلاء على بيت المقدس ! أمّا اليوم، فقلّما يَرفع الساسةُ النصارى ، شعار العمل ، أو القتال ، في سبيل العقيدة النصرانية ! وإن كانت الشعوب النصرانية ، تحمل نوعاً من الحذر ، أو التوجّس ، تجاه الشعوب غير النصرانية ، و الإسلامية منها ، خاصّة! وحين ذكَر الرئيس الأمريكي بوش ، أن حربه في العراق ، حرب صليبية ، ثارت ضدّه زوبعة إعلامية ! حتى زعم بعضُ الإعلاميين ، أن الجملة ، فُهمت بطريقة غير صحيحة ! وزعم بعضهم ، أنها زلّة لسان ، غير مقصودة !

الحاجات الأساسية : من طعام وشراب ، ودواء ووقود .. من أهمّ عناصر التحريك للشعوب ! فنقصُها، أو ارتفاع أثمانها ، يؤجّج غضب الشعوب ؛ فتخرج ، مدافعة عن أرزاقها ! وقد تَسقط حكومة ، أو وزارة ، من شدّة غضب الشعب ، واحتجاجاته ، على رفع أثمان السلع الأساسية ، التي تحتاجها حياته ، وحياة أسَره !

الشعارات السياسية : هذه تحرّك الشعوب ، في بعض الدول والمناسبات ، حين ترفعها قوى سياسية ، تجيد توظيفها ، بطريقة ، تُخرج الناس ، من بيوتها ، للاحتجاج والتظاهر! وعلى سبيل المثال : خوض حرب ، لا مصلحة للشعب فيها .. أو الدعوة إلى إيقاف حرب شديدة الكلفة ، من الناحية البشرية ، على الشعب ! وحربُ أمريكا في فيتنام ، مثال صارخ ، على ذلك !

آليات تحرّك الشعوب : باتت وسائل التواصل الاجتماعي ، اليوم ، من أهمّ الوسائل ، لتبادل الآراء ، بين النشطاء السياسيين ، الذين يحرّضون الناس ، ويحرّكونهم، للخروج إلى الشوارع ، في: مظاهرات ، واحتجاجات، واعتصامات ! بَيدَ أن هذه التحرّكات الشعبية ، قلّما تكون مجدية ؛ لأنها لاتكون ، في العادة ، مؤطّرة ، في أطر سياسية مناسبة ! فسرعان ماتَمتصّ الحكومات القائمة ، مثل هذه التحرّكات ، وتخمد جذوتها !

آليات تحريك الشعوب : هذه الآليات تكون ، في العادة ، من عمل الساسة المتمرّسين ، الذين يعرفون، كيف يخاطبون الجماهير، وكيف يقنعونها بالخروج ، إلى الشوارع ، لتحقيق أهداف : سياسية ، أو اقتصادية ، أو اجتماعية ، أو غيرها !

آليات توظيف الشعوب : الشعوب ، في العادة ، مادّة خام ، يوظّفها صاحب القدرة على التوظيف ، وصاحب المصلحة فيه ! وقد تكون الحكومات ، هي الأقدر، على التوظيف ، أحياناً ، كما قد تكون القوى المعارضة المنظّمة ، هي الأقدر، على التوظيف !

وآليات التوظيف كثيرة ، من أهمّها : معرفة المفاتيح المؤثّرة في الناس ، واستعمالها بطرائق ذكية ! ومن أهمّها، كذلك ، معرفة المسنّنات الاجتماعية ، وطرائق تشابكها .. وتحريك بعضها ، ليحرّك بعضها الآخر، والآخرُ يحرّك الآخر.. وهكذا !

وقد تحرّكت شعوب الربيع العربي ، في عدد من الأقطار ، فأسقَطت بعض الحكام ! بَيدَ أن قوى الثورة المضادّة، المتمرّسة في المكر، والعبث السياسي .. استطاعت ، أن تعبث بحركة الشعوب ، وأن تُفتّتها ، بالتعاون ، مع قوى خارجية .. وأن تعيد الشعوب ، إلى صُوَر من القمع والفساد ، أشدّ ممّا ثارت عليه !

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين