الجوائح في الإسلام (7) مجاعة بغداد وبخارى والأهواز

(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) صدق الله العظيم.

مجاعة بغداد وبخارى والأهواز

استمرت مجاعة السنة السابقة إلى هذه السنة (449هـ/1058م) وبقي فناء الناس ببغداد على أشده، فقد خلت أكثر البيوت من سكانها، بين ميت وفار، وسدت كثير من الدور أبوابها على أهلها الموتى. ثم صار المار في الطريق لا يلقى الواحد بعد الواحد، وأكل الناس الجيف والنتن من قلة الطعام. ووجد مع امرأة فخذ كلب قد اخضر، وشوى رجل صبية في الأتون وأكلها. وقيل سقط طائر ميت من حائط فاحتوشه خمسة أنفس فاقتسموه وأكلوه.

وورد كتاب من بخارى أنه مات من الجوع في يوم واحد ثمانية عشر ألف إنسان، وأحصي من مات في هذه المجاعة من بلاد بخارى وما حولها إلى يوم كتب فيه هذا الكتاب بألف ألف، وخمسمائة ألف وخمسين ألف إنسان (1,550000) والناس في تلك البلاد يمرون فلا يرون إلا أسواقاً فارغة وطرقات خالية، وأبواباً مغلقة، وحشة وعدم إنس.

أما في الأهواز وبواط فقد كان الفقراء يشوون الكلاب وينبشون القبور ويشوون الموتى ويأكلونهم، وليس للناس شغل في الليل والنهار إلا غسل الأموات وتجهيزهم ودفنهم، فكان يحضر الحفير فيدفن فيه العشرون والثلاثون.

غلاء مصر

غلت الأسعار وعدمت الأقوات في مصر سنة (462هـ/1070م) وأكلت الناس الجيف والميتات والكلاب، وكان يُباع الكلب بخمسة دنانير، وماتت الفيلة فأكلت ميتاتها، وأفنيت الدواب فلم يبق لصاحب مصر سوى ثلاثة أفراس (بعد أن كان لديه الآلاف من الخيل والدواب)، ونزل الوزير يوماً عن بغلته فغفل الغلام عنها لضعفه من الجوع فأخذها ثلاثة نفر فذبحوها وأكلوها فأخذوا وصلبوا، فما أصبحوا إلا وعظامهم بادية، قد أخذ الناس لحومهم، فأكلوها. وظهر رجل يقتل الصبيان والنساء ويدفن رؤوسهم وأطرافهم، ويبيع لحومهم، فقتل وأكل لحمه. وكان الإنسان لا يجرؤ على دفن من مات من أهله نهاراً، وإنما يدفنه ليلاً خفية، لئلا ينبش فيؤكل. 

واحتاج صاحب مصر للطعام، مما اضطره لبيع أشياء من نفائس ما عنده، من ذلك إحدى عشرة ألف درع، وعشرون ألف سيف محلى، وثمانون ألف قطعة بلور كبار، وخمسة وسبعون ألف قطعة من الديباج القديم. وباع الرجال والنساء ثيابهم بأرخص ثمن كي يشتروا بثمنها ما يأكلون.

غلاء إفريقية

حل بإفريقية قحط وجدب، سنة (491هـ/1098م) أدى إلى حدوث مجاعة فظيعة هلك بسببها الآلاف جوعى.

غلاء خراسان

غلت الأقوات والغلات بخراسان سنة (492هـ/1099م) غلاءً شديداً، ودام هذا الغلاء سنتين متتاليتين. وكان سبب الغلاء البرد الشديد الذي أهلك الزرع ولم يبق منه شيء، مما ألحق بالناس موت جارف، راح فيه خلق كثير، أعجز الناس عن الدفن لكثرة الموتى.

غلاء بلاد نيسابور

عم الغلاء بلاد نيسابور ودامغان سنة (494هـ/1101م)، وحلت المجاعة بين الناس، حتى شوهد رجل يأكل كلباً مشوياً في الجامع، وشوهد إنسان يُطاف به في الأسواق وفي عنقه يد صبي قد ذبحه وأكله. ومات من هذه المجاعة الآلاف.

غلاء بغداد

غلت الأسعار في بغداد سنة (511هـ/1118م)، حتى بلغ الكر من الحنطة ثلثمائة دينار إن وجد، فحلت المجاعة، وفشى الموت بين الناس من الجوع، حتى أكل الناس الكلاب والسنانير والحشائش.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين