السعادة الزوجية حتى تستري على زوجك ويستر عليك

تضغط عليها أمها لتحدثها بالتفصيل عن حياتها الزوجية ، وتأمرها أن تحكي لها كل ما تسمعه من زوجها من توجيه أو نقد أو غيرهما ، فتستجيب المسكينة لأمر أمها فتنقل لها كل ما يكون بينها وبين زوجها ؛ فيكون ما يلي : 

- تسمع الأم من ابنتها ما يثير فيها مشاعر النقمة من زوجها ، فتحمل عليه ، وربما تكرهه ، ولعلها تواجهه بما عرفته ، فينقم هو بدوره من والدة زوجته ، فتسوء العلاقة بينهما ، وينعكس هذا كله على الزوجين معاً . 

- يغضب الرجل من زوجته التي نقلت لأمها ما جعلها تحمل عليه وتكرهه ، فيلومها ويوبخها ، وينتج عن هذا نزاع بين الزوجين وشجار . وربما ينال الرجل من أم زوجته التي لامته وزجرته فيتكلم عليها كلاماً تنقله الزوجة من جديد إلى أمها فتتعقد الأمور أكثر وتصبح الحياة بين الزوجين غير مستقرة وغير هانئة .

- قد تنقل أم الزوجة ما سمعته عن زوج ابنتها إلى أولادها وزوجها فيحملون على صهرهم بدورهم ، ويضمرون له البغض ، فتسوء علاقتهم به ، فتزداد الحياة بين الزوجين الشابين توتراً وتأزماً وسوءاً .

- قد يندفع أحد إخوة الزوجة فيواجه زوجها بما عرفه فيرد عليه الزوج رافضاً تدخل أحد في حياته الزوجية ، فتزداد العلاقة بين الزوج وأهل زوجته سوءاً .

- بسبب كل ما سبق يصبح الطريق أمام الشيطان ممهداً ليوقع بين الزوجين ، ويُفسد عليهما حياتهما ، ويقربهما من الطلاق الذي يفرق به بينهما ، وهذا أعز غاياته وأعظم أمانيه ( إن إبليس يضع عرشه على الماء ، ثم يبعث سراياه ، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة ، يجيء أحدهم فيقول : فعلت كذا وكذا ، فيقول : ما صنعت شيئاً . قال : ثم يجيء أحدهم فيقول : ما تركته حتى فرَّقتُ بينه وبين امرأته فيدنيه منه ويقول : نِعْمَ أنت ) . صحيح مسلم .

لعل الدرس الذي نخرج به من هذا كله أن حفظ تفاصيل الحياة الزوجية بين طرفيها ( الزوج والزوجة ) وعدم البوح بها لأهل الزوج أو أهل الزوجة أو غيرهما .. أمر مهم لحماية أسرتهما الناشئة من الزعزعة ثم الانهيار . 

وقد تقول الزوجة : ولكن إخفائي ما أعانيه في حياتي الزوجية وصبري على زوجي سيغريه بالتمادي في ما هو عليه من انحراف ، أو بالاستمرار في إيذائي وإهانتي لأنه لا يجد من يردعه ويمنعه . 

أقول لهذه الزوجة ما يلي :

- كلامك صحيح ، وهذا التمادي في الانحراف ، أو الاستمرار في إيذائك ، قد يقوم بهما كثير من الأزواج ، ولكن بعضهم قد يقدر لزوجته صبرها عليه وسترها له فيقلع عن انحرافه ويتوقف عن إيذائه .

في حال لم يقدّر الزوج صبر الزوجة وسكوتها وكتمانها ما يفعله من انحراف أو إيذاء فإني أنصحها بأن تفعل الآتي : 

* الدعاء المتواصل الذي لا يأس معه ، دعاء المضطر الذي وعد سبحانه بإجابته ( أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ) الدعاء بأن يصلح الله لها زوجها ، ويصلحها له ، ويصلح ما بينهما . الدعاء بان يكفيه سبحانه بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواء . الدعاء بأن يجعله الله رحيماً بها ، عطوفاً عليها ، عاذراً لها ، مقدراً حالها ، متجاوزاً عنها .

* قولي له :إنك لا تريدين إخبار أحد من أهلك أو غيرهم بما يفعله ، ثم تضيفين أنك قد تفقدين صبرك واحتمالك يوماً فتضطرين إلى إخبارهم بعد أن صبرت طويلاً في انتظار إقلاعه عما يفعله من ظلم أو إيذاء لك . واحرصي على أن تقولي له هذا في أسلوب الشفقة عليه والحرص على حياتكما الزوجية من أن تنهار إذا تدخل الآخرون فيها . كأن تقولي : أرجوك لا تجبرني على أن أشكو حالي إلى أحد من أهلك أو أهلي .

* ابحثي عن أسباب ما يقوم به وعالجيها ، فقد تجدين من الأسباب ما يعود إليك ؛ كأن تنتقدي زوجك كثيراً وتصرخي عليه ، وتتهميه بالتقصير والإهمال وغيرهما ، ودون أن تثني عليه في شيء ، فيضيق بك ، ويثور عليك ، ولعله يضربك .

أو أنك تمتنعين عنه في الفراش ، فتكتشفين بعد ذلك أنه على علاقة بامرأة أخرى ، وصحيح أن امتناعك ليس مبرراً لما يفعله ؛ لكنه يبقى سبباً عليك أن تنصرفي عنه فتحرصي على إعفاف زوجك حتى لا يندفع في ما يرتكبه من حرام .

* اجلسي أمام زوجك وأنت صامتة حزينة ؛ فإذا سألك زوجك عن سر صمتك وحزنك فأخبريه أنك حزينة عليه وعلى ما يقوم به ، وإذا استطعت أن تبكي وأنت تظهرين شفقتك عليه ، وحبك له فافعلي واجعلي دموعك تسيل على خديك ... فهذا يؤثر في زوجك ويثير فيه مشاعر الحب والرحمة نحوك .

أخيراً أعود فأعيد توصيتي لك بأن تستري على زوجك فلا تشتكيه لغير الله تعالى وأنت تحاولين إصلاحه دون سأم أو يأس . 

وكوني واثقة بأنك تؤجرين أجراً عظيماً على صبرك وما تبذلينه من جهد وعمل من أجل ذلك .

وفقك الله وأعانك وأصلح لك زوجك .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين