الجوائح في الإسلام (6) مجاعة بلاد الهند

(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) صدق الله العظيم.

مجاعة بلاد الهند

وقع في الهند وبلادها في سنة (423هـ/1032م) موت عظيم عقب قحط ومجاعة، وكان أفظعها في غزنة وخراسان وجرجان والري وأصبهان، خرج منها في أدنى مدة أربعون ألف جنازة، في كل جنازة العشرات.

كما زادت الأسعار في الأقوات، وتلفت الغلات في الموصل، وكذلك الأهواز وواسط، وعدمت الأقوات في الإحساء، مما اضطر أهل البادية لأكل مواشيهم ثم أولادهم، وكان الواحد يبادل بولده ولد غيره حتى لا تأخذه العاطفة عند ذبحه وأكله، وفارق أهل البوادي منازلهم.

وكثر الموت هذه السنة من جراء المجاعة في أصبهان، فقد دفن بها في عدة أيام ما يزيد على أربعين ألف ميت. وأحصي من مات في الموصل وحدها أربعة آلاف صبي.

غلاء بغداد

حل الغلاء في العراق في سنة (439هـ/1047م) عقب جدب وقحط. وتأثرت بغداد والموصل بشكل كبير، فقد حلت فيهما مجاعة فظيعة، اضطرت الناس لأكل الحيوان والميتة، وكثر الموت بين العامة.

المجاعة العامة

غلت الأسعار في مجمل بلاد المسلمين في سنة (448هـ/1056م) بعد قحط متعاقب، فبلغ كر الحنطة تسعين ديناراً (وكان يساوي نيفاً وعشرين) وتعذر التبن حتى كان يباع الكساء من التبن بعشرة قراريط. ولحق في هذه السنة الفقراء والمعوزين معاناة شديدة من الغلاء، مما كان سبباً لتفشي البلاء والموت بينهم، حتى دفنوا بغير غسل ولا تكفين، وكان الناس يأكلون الميتة. وبيع رطل اللحم بقيراط، وأربع دجاجات بدينار، ونصف قفيز أرز بدينار، ومئة كراثة بدينار، ومئة أصل خس بدينار. وعدمت الأشربة، فبلغ المن من الشراب ديناراً، والمكوك من برز البقلة سبعة دنانير، والسفرجلة والرمانة ديناراً، والخيارة واللينوفرة ديناراً.

ووقع الغلاء والموت بمصر أيضاً، وكان يموت في اليوم ألف نفس، وعظم ذلك في رجب وشعبان، حتى كفن السلطان من ماله ثمانية عشر ألف إنسان، وحمل كل أربعة أو خمسة في تابوت واحد. وباع عطار في يوم ألف قارورة فيها شراب للتداوي من العلل والأمراض.وعم لبلاء مكة والحجاز وديار بكر والموصل وخراسان والجبال والدنيا كلها. 

وجاء الخبر من مصر أن ثلاثة من اللصوص نقبوا الدور فوجدوا عند الصباح موتى، أحدهم على باب النقب والثاني على رأس الدرجة والثالث على الثياب المكورة.

ثم ارتفعت الأسعار وغلت الحبوب، فبيع كر حنطة بمئة وثمانين ديناراً، والكارة الخشكار الرديئة بسبعة دنانير. وبلغت الموتى في هذه السنة في مصر درجة مخيفة، فقد كانت تخرج في كل يوم ما يزيد على ألف جنازة.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين