كلمة توضيحية حول كثير من أحاديث الوعد بالجنة والمغفرة

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»

رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وروى مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه»

ـ كلمة توضيحية حول كثير من أحاديث الوعد بالجنة والمغفرة المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم بالأسانيد الصحيحة: 

إنسان ينصح أحد إخوانه باستعمال الزيت الفلاني للسيارة ويقول له: إذا استخدمته فلن تتعبك السيارة في سفرك مطلقا، ولقيه بعد عودته من السفر، فحدثه عن المشاكل والمصاعب التي واجهته بسبب السيارة في هذه السفرة، ولما أبدى الناصح استغرابه وسأله عن بعض الأمور الأخرى تبين له أن الرجل لم ينتبه قبل سفره إلى أن العجلات ممسوحة، وأنه لم يفحص ضغط الهواء فيها، وأنه لم يتفقد كمية الماء في أنابيب تبريد المحرك، وأنه اقتصر على استعمال الزيت الذي نصحه به. 

إنسان ينصح أحد إخوانه الذي تقدم بطلب توظيف في إحدى الإدارات بأن يضع هذه الشارة الجميلة الخلابة على ثوبه وقت الدخول لاختبار المقابلة الذي سيتم مع أحد المديرين في الإدارة، وقال له أنا متأكد بأنك ستحصل على أحد المراكز العليا المتقدمة في اختبار المقابلة، ثم علم أن صاحبه قد تم رفضه وأنه حصل على أدنى النقاط في لائحة أسماء المرشحين، ولما أبدى الناصح استغرابه وسأله عن بعض الأمور الأخرى تبين له أن الرجل قد لبس في ذلك اليوم أحد أثوابه الممزقة المتسخة المطلية بشيء من شحم محرك السيارة، كما لبس نعلين قديمين أحدهما مقطوع الشراك ولونه مختلف عن لون النعل الآخر، وأنه في ذلك اليوم ذهب للمقابلة دون أن يغسل وجهه ودون أن ينظف أسنانه منذ أسبوع لأنه مقصر غالبا في تنظيف الأسنان، وأنه اقتصر على وضع تلك الشارة على ثوبه عند دخوله للمقابلة. 

الناصح في تلك الحالات كلامه صحيح، ووجه الخلل هو أن الغبي أو المتغابي يأخذ القول من خلال فهم الألفاظ المقتطعة من سياقها في النص، ولا يفهم من سياق النص أن المراد الانتباه إلى بعض الجزئيات التكميلية، وأنها إنما تنفع صاحبها إذا أخذ بها بعد استكمال الأمور الأساسية التي لا بد منها. 

قد نجد مسلما غبيا أو متغابيا يقول: أنا أصوم رمضان كل سنة إيمانا واحتسابا وأحيي الليالي العشر الأواخر منه بالصلاة والاستغفار والدعاء كي أضمن ليلة القدر، ولكن قلبه مملوء بالعجب والكبْر والحسد والمعاندة في قبول الحق، وعليه الكثير الكثير من حقوق العباد، فهل هذا يناله الوعد الإلهي على لسان المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام بأنه يُغفر له ما تقدم من ذنبه؟!. 

والجواب الذي لا يشك فيه كل مسلم عاقل: لا. 

ومن هنا يتبين مقدار الخطأ الكبير الذي وقع فيه بعض الناس إذ يقول: أنتم يا معشر أهل السنة تعطون للظالمين والفاسقين والمجرمين صكا مجانيا بدخول الجنة عندما تصححون أمثال هذه الأحاديث. 

نقول له: الروايات التي لم تصحَّ أسانيدها عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يُحتجّ بها، وهذا معلوم، وأما الأحاديث الصحيحة فلا بد من فهمها على وجهها الصحيح، وذلك أنها إنما تنفع مَن عمل بها بعد استكمال الأمور الأساسية التي لا بد منها في أداء ما يجب فعله واجتناب ما يجب تركه، كما لا بد من مراعاة المراتب، أي: لا بد من معرفة أن كل عمل من أعمال البر والأدعية والأذكار لا ينال عاملُه أجره إلا بعد استكمال المراتب السابقة عليه في المرتبة.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين