الجوائح في الإسلام (4)

(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) صدق الله العظيم.

قحط العراق

امتنع المطر في شهري تشرين الأول وتشرين الثاني وفي الكوانين من عام (329هـ/940م) عن العراق، ولم تنزل سوى مطرة واحدة لم يبتل منها التراب، فغلت الأسعار ببغداد حتى بيع (الكر) بمئة وثلاثين ديناراً.

وحلت المجاعة، ونزل الفناء بالناس، حتى كانت الجماعة يدفنون في القبر الواحد، من غير غسل ولا صلاة، وبيع العقار والأثاث بأرخص الأسعار، حتى كان يُشترى بالدرهم ما كان يساوي الدينار في غير تلك الأيام.

مجاعة بغداد

في النصف من (ربيع الأول من سنة (330هـ/كانون الثاني 942م) عمّت المجاعة بغداد على أثر القحط والغلاء ونفاد الأقوات في السنة السابقة، ودام الغلاء وكثر الموت، وتقطعت السبل، وشُغل الناس بالمرض والفقر، وتركوا دفن الموتى، وشُغلوا عن الملاهي واللعب. ثم جاء مطر كأفواه القرب، وبلغت زيادة دجلة عشرين ذراعاً وثلثاً. وذاق أهل بغداد في هذه السنة لباس الجوع ولخوف. ثم امتدت المجاعة إلى السنة القابلة، حتى أكل الناس الكلاب، وحل الوباء بأهل بغداد.

غلاء ومجاعة بغداد

اشتد في سنة (334هـ/948م) الغلاء في بغداد، وتفاقمت المجاعة حتى أكل الناس الميتة والكلاب والسنانير، وألقي القبض على بعض الناس ومعه صبي كان قد شواه ليأكله. وأكل الناس خروب الشوك لانعدام ما يأكلون، ولحق الناس من المجاعة أمراض وأورام في أحشائهم، وكثر فيهم الموت حتى عجز الناس عن دفن الموتى، فكانت الكلاب تأكل لحوم الموتى، وهرب كثير من أهل بغداد طلباً للنجاة وبحثاً عن الطعام إلى البصرة، فمات أكثر من فر من بغداد في الطرق والدروب لضعف أجسادهم، ومن وصل منهم كان يموت بعد وقت قصير. وكان أهل بغداد يبيعون الدور والعقارات مقابل ما يأكلون من خبز.

غلاء أنطاكية

اشتد الغلاء وعدمت الأقوات في أنطاكية سنة (353هـ/963م) وجميع الثغور، حتى لم يكن يقدر أحد من الناس على شراء الخبز، وأكل الناس الرطبة أو الحشيش، وفرَّ الناس هرباً من الجوع إلى الرملة ودمشق وغيرها. وقيل إن أكثر من خمسين ألفاً هربوا من الغلاء الذي وقع في أنطاكية وثغورها.

غلاء بغداد

زادت الأسعار ببغداد في سنة (373هـ/984م) وعدمت الأقوات، ولحق بالناس مجاعة عظيمة، وبلغ (كر) الحنطة في رمضان ثلاثة آلاف درهم تاجية، وبلغ في ذي الحجة أربعة آلاف وثمانمائة درهم. ومات من الجوع خلق كثير، وخاصة الضعفاء والفقراء.

غلاء إفريقية

حل غلاء عظيم بإفريقية سنة (395هـ/1004م)، وتعطلت المخابز لقلة الطحين وندرته، وتعطلت الحمامات لعدم وجود من يأتيها، وفني الناس بالآلاف من الجوع، وهلك آخرون من الأوبئة، وكان يموت في كل يوم ما بين خمسمائة إلى سبعمائة نفس. وأصاب الحجيج أيضاً عطش شديد في الطريق فمات أكثرهم.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين