دولة الرجل المريض

دولة الرجل المريض ؛ لا هي ميتة فتبحث عن حياة جديدة ، ولا هي بعافية فتشق طريقها في الحياة ، فهي دولة يُراد لها أن تظل تحت السيطرة ، طافية على سطح الماء ، لا هي غارقة ولا هي مبحرة .

وهذا الوصف (دولة الرجل المريض) شاع على ألسنة الغرب تجاه الدولة العثمانية في أواخر عهدها ، وأرى أن هذا الوصف له معنى مقصود مازال حاضراً في صراع الغرب ضد أي محاولة لنهوض دولة عربية أو إسلامية أو غيرها .

وبالغوص في نموذج نهايات الدولة العثمانية الذي سماه الغرب دولة الرجل المريض ، نتوقف عند عقدة علاقة الغرب بتركيا .

تركيا تاريخيا هي جزء من أوروبا وتاريخها وحضارتها : فالقسطنطينية (اسطمبول) هي إحدي ثلاث عواصم كبرى بجوار روما وأثينا شكلت تاريخ أوروبا وحضارتها.

وبرغم تحول القسطنطينية إلى بيزنطة ثم اسطمبول، وبرغم وصول الامبراطورية العثمانية إلى قلب أوروبا وحصار فيينا مرتين . 

فقد ظلت أوروبا تنظر إلى تركيا العثمانية بصفتها بوابة الأمان لأوروبا الغربية وحاميتها من الخطر القادم من روسيا . فقد خاضت روسيا 13 حرباً ضد الدولة العثمانية خلال 300 عام.

ولذلك ؛ وبرغم ما بين الغرب وتركيا من مشكلات ، وبعد تآمر بريطانيا وفرنسا ضد الدولة العثمانية وهجومهما المشترك على الأسطول العثماني والمصري عام 1827 في معركة نوارين على الساحل الغربي لشبه جزيرة بيلوبونيز ، فقد اضطرت بريطانيا وفرنسا مجتمعتين إلى إرسال أساطيلهما لحماية القسطنطينية من الغزو الروسي عام 1829.

فالمسألة مسألة توازنات تحكمها مصالح الطرف الأقوى ، وهي ذات السياسة التي يمارسها الغرب ضد الدول المستسلمة لسيطرتهم .

دائما يسعون لذلك الوضع المفضل : (دولة الرجل المريض) .

بغض النظر عن المرض ، هل هو عضوي أم عقلي أم نفسي ، المهم أن تبقى تحت السيطرة ، وتظل الدولة :

(دولة الرجل المريض) .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين