سلفيت .. القضايا لا تموت

لماذا يموتون من أجل عملية طعن لن تُغير في المعادلة شيئاً، حتى لو قتلت كل عملية جنديين بدل واحد؟! وما الذي يدفع شاباً ليختار الموت في سبيل طعنة في صدر عدوه؟!

لا نملك إجابة مباشرة نستطيع فيها أن نُقنع الحياة بأنها ليست ذات قيمة مقابل طعنة، ولكن القضايا التي تعيش إلى اليوم، الحقوق التي لم ولن تضييع بالتقادم، حلم الحرية والوطن، إعلان الدماء بأن أصحاب الأرض والحق لم ينسوا حقهم وأرضهم، بعث شرارة المقاومة والتضحية التي لم تنطفئ في كل طعنة لتعلن أن الأمر ما زال يستحق، وهو غالٍ جداً، غالٍ لدرجة أنه أغلى من الحياة في زهرة الشباب، وأغلى من مستقبل قد يكون مُعبداً بالورود ..، ربما هذا ما يقدم الأجوبة.

أشياء لا نستطيع تلمسها، ولكننا نراها في وجه أمٍ ليست ثكلى وقد علمت يوم استشهاد ولدها أنها قد حبلت بالوطن فيما مضى، وأنها أحسنت التربية، فانغرس رجلها بالأرض يستنهض عزيمة أصحابها بطعنة في صدر أعدائه، يعلن أن الأجيال لا تنسى، وأن القضايا لا تموت، وأن الحقوق لا تختصر بالمستقبل والدراسة والحياة المترفة.

يُدرك الأعداء هذه المعادلة، يُدركون فشلهم في إقناع الشباب بإيقاف المواجهة، يُدركون خسارتهم أمام طعنة، ويُدركون أنهم رغم كل دعايتهم مايزالون في أعين الأجيال المتلاحقة غاصبين مجرمين، لذلك يستقدمون ترسانة عسكرية تضم أكثر من خمس وعشرين آلية وعشرات الجنود ليقاوموا ضخامة الفشل والفكرة، وليواجهوا رجلاً واحداً بحجم وطن وقوة تخيفهم من رجل واحد؛ لأنهم يُدركون أنها تستند إلى ما هو أشد ثباتاً من قوتهم.

لا تعيش القضايا التي لا يُدافع عنها أحد، ولا تكتسب قدسيتها إلا من فيض الدماء والأرواح التي تُبذل في سبيلها، وحفظ حياة قضايانا أمرٌ يستحق البذل والتضحية، فالشهداء هم وصايا هذا الطريق الطويل، مشاعل نوره في ليلنا الحالك الذي يلفنا بظلمته، لم تمت هذه الأمة بعدُ، والمعركة ما زالت قائمة في مواجهة كل الطغاة، والحرب التي بدأت في فلسطين انتشرت وتنتشر في كل أصقاعنا المغتصبة، ستكون حربًا شاملة، لن يعود الزمن إلى الوراء، ولن يخيب نضالنا، سيسقطون جميعهم، وسنبقى وننتصر، لا يموت الشباب من أجل طعنة، وإنما يعلنون بدء الحياة بها …

المصدر : موقع حبر

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين