سفّاح نيوزيلاندا

مِن سّنَنِ الله في الأرض: أن تتناوب الأُمَمُ في بسط سيادتها على وجه الأرض من خلال ما تمتلكه من أسبابٍ تجعلها هي الأقوى . 

ومن سُنَنه جلَّ وعلا أن لا تدوم سيادةُ أمّةٍ إلى الأبد … 

وعندما تتربّع أمّةٌ من الأمم على قمّة الهيمنة والسيطرة فإن بقاءها على القمّة يطول أو يقصر بتناسبٍ طرديٍّ مع ما تمتلكه من أسباب النجاح التي تساعدها على الحفاظ على مكانتها في السيادة .

وللقوّةِ أسبابٌ ماديّةٌ تتمثّل بالقوّة السياسيّةِ والإداريّة والعسكريّة والعدديّة والعلميّة والأخلاقيّة ، ولا تتحرّك أمّةٌ من الأممِ إلاّ وفقَ معتقداتٍ دينيّةٍ تقف وراء مجموعة هذه الأسباب

وما سادت أمّةٌ من الأمم على وجه الأرض إلاّ واصطبغ وجه الأرض بقيمها وأخلاقها وأسلوبها !

ولو نظرنا إلى حال البشريّةُ الآن على وجه الأرض، وجدنا أنَّ وجه الأرض في قبضةِ ما يُسمى بالحضارة الغربيّة ( مع رفضنا لكلمة حضارة في هذا المقام لأن الحضارةَ تجمع الجانب المادي والجانب الأخلاقي والديني وما يتفرع عنهما من قيَمٍ إنسانيّةٍ وقيمٍ روحيّةٍ ، والغرب يفتقر إلى هذا الجانب ، وبالتالي يكون مصطلح مدنيّة الغرب هو الأدق ) 

أقول : إنّ الغرب يبسط سيطرته على وجه الأرض بعامل القوّة ويمارس أخلاقه ، ويفرض قيَمه مستخدماً كلّ الوسائل والأساليب التي تجعله مُحْكِماً قبضته بلا منازع .

وكلّ عاقلٍ منصفٍ دارسٍ لواقع الأمبراطوريّةِ الغربيّة التي تحكم هذا العالم ، يدرك أنّ القوّة التي تحكم هذا الغرب وتضع له أيديوليجيّته وتُدير دفّته الماليّة والسياسيّة والأخلاقيّة والدينيّة هي اليهوديّة العالميّة ، فأمريكا وأوروبا وروسيا عبيدٌ عند حاخامات اليهود لا يستطيعون تحريك ساكنٍ إلاّ بتوجيهاتهم وأوامرهم. 

ولا يوجد قوّة حقيقةٌ كاشفةٌ لحقيقة اليهود إلاّ الإسلام ، فهو العدسة النقيّة التي لم تشبها شائبة التشويه ( عقيدةً وأحكاماً وقيماً ) وهي السد الذي يقف في وجه تحقيق غايتهم في الانفراد في السيطرة على وجه الأرض سيطرةً أبديّةً ( فهم شعبُ الله المختار ، وكلّ من سواهم عبيدٌ لهم !!! ) 

حاول اليهود أن يُحرّفوا في العقيدةِ الإسلاميّة على مرّ العصور كما حرّفوا غيرها من الأديان ولكنهم فشلوا ( إنّا نحن نزّلْنا الذِّكْرَ وإنّا له لحافظون ) ، فسلكوا سبيلاً آخراً في إضعاف شوكة الإسلام وتشويه صورته لدى شعوب الأرض من خلال مخطّطات أفسدت الدول الإسلاميّة وجعلتها في مؤخّرة الركب الحضاري، تاركين الشعوب الإسلاميّة في قاع التخلف مع ما آثاروه بين أبناء هذه الشعوب من فتنٍ أشعلوها بإحكامٍ وخبرةٍ ودرايةٍ وتخطيط ، وكان مفتاحهم لهذا الأمر هو الإعلام الذي ألصق بالإسلام تُهماً شنيعةً هوَ منها براء … وقد جنّدوا من المسلمين ومن غير المسلمين كلَّ الفاسدين لإظهار الإسلام على أنه دين القتل والتدمير والعداء ( فكلّ التفجيرات وعمليات القتل التي جرت على مدى العقود الثلاثة الماضيّة كانت من صناعة الغرب بتخطيطٍ يهوديّ منسوبةٌ إلى الإسلام !!! ) وقد حمل الإعلام لواء الترويج لهذه التهم حتى أصبح الإسلام في نظر الشعوب هو آفة البشريّة وهو سبب الفساد والدمار فيها ، وهو عدُوُّ كل الشعوب ، وبالتالي زرعوا في نفوس أبناء هذه الشعوب الحقد والكراهية للإسلام والمسلمين.

وما سفّاح نيوزيلاندا إلاّ ثمرةُ هذا الترويج وهذا المفهوم ، وإن كنتُ أرى أنّ ما قام به هذا السفاح ليس عملاً فردياً قام به معتوه ، بل هو عملٌ مُنظّمٌ تقف وراءه قوى الشر التي تحكم هذا العالم، وهو حلقةٌ من سلسلة حلقات الإجرام التي يقوم بها العالم الغربي ضد الإسلام والمسلمين ، وعليه أقول :

هذه هي حضارة الغرب التي يتغنّى بها المفتونون ، وهذه هي قيمهم، وهذه عدالتهم، وهذه ديموقراطيتهم وتسامحهم الديني الذي يتنطعون به ويدعون إليه !!!!!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين