تأدبوا يا طلاب الرواية

طلاب الحديث النبوي الشريف أنواع، أفضلهم الذين يدرسون دواوينه أصولا وفروعا مستوعبين لأسانيدها ومتونها، ورجالها وعللها، ومتفقّهين لمعانيها ومضامينها، ومطبقين لها في حياتهم وعاملين بها، فهم ورثة الأنبياء، ومعلمو الناس الخير، والدعاة إلى السبيل الأقوم، ويزيدهم زينة وجمالا أن يتوسعوا في الأسانيد والاتصالات، عاليها ونازلها، ومشهورها وغريبها.

وقد نشأ في عصرنا شباب لا يحسنون اللغة العربية وآدابها، ولا يعقلون كتاب الله تعالى، ولا الحديث النبوي الشريف، ولا فقه الفروع والجزئيات، ولا سير العلماء والصالحين، جلّ بضاعاتهم سماعات مختطفة متقطعة، وقراءات مطموسة مستغلقة، مجردة عن فهم ودراية، وإجازات عامة متوهمة، ويستكثرون من هذه السماعات والإجازات عبر الهواتف والشبكات على شيوخ كبار في السنّ أو نساء عجائز، لا ينتبهون إلى ما يقرأ عليهم من جزء ولا ديوان.

يرون الاستكثار من هذه السماعات والإجازات فضلا، فإذا علموا بشيخ في مكان قريب أو بعيد هاجموه ساطين عليه لا يتأدبون معه ولا يرعون فيه دينا ولا حرمة، والشيخ مغلوب على أمره أشغالا وأعمالا، فيحرجونه ويزعجونه إزعاجا كبيرا، وإذا لم يلب الشيخ لطلبهم ظنوا به الظنون وأساؤوا إليه ونالوا منه.

نصيحتي لكم أيها الشباب طلاب العلم الشريف!

1- أن لا تضيعوا أوقاتكم هارعين ولاهثين وراء هذه السماعات والإجازات التي لا تغني عن العلم شيئا، وأقبلوا على إتقان اللغة العربية، وتدبّر كتاب الله تعالى، والنظر في سير الصالحين، وتقصّي كتب الأصول في الحديث إسنادا ومتنا ورجالا وعللا.

2-وأن تأخذوا من الأدب الحظ الأوفر قبل التوجّه إلى القراءة والسماع، واعلموا أن العلم منوطة بركته بخشية الله وبالأدب، ولا أستبعد أن يزيدكم إيذاءكم للعلماء والشيوخ انقباض رحمة الله عز وجل عنكم وحرمان العلم الذي تزعمون اكتسابه والتفاني في سبيله.

3-وأكبر الأدب أن ترفقوا بشيوخكم خافضي أجنحتكم لهم متواضعين متوددين إليهم ومتحببين.

4-وأن لا تتصلوا بهم عبر الهواتف مكالمة ولا مراسلة إلا إذا كان لكم منهم إذن خاص.

5-واعلموا أن الشيوخ لهم أعمال من التدريس والتأليف والتكسب ورعاية الأهل والأولاد، فإن لم تكفوهم بعض ما هم فيه فلا تشغلوهم عنه فتثقلوهم هما وحزنا.

6-وإيّاكم إيّاكم أن تزعجوهم أو تغضبوهم أو تسبوهم أو تنالوا منهم أو تغتابوهم أو تؤذوهم، فإن وبال ذلك كله يعود عليكم، ويكتب عليكم حرمان وشقاء.

7-وأنيبوا إلى ربكم وأحسنوا عبادته، فإن قليل العلم مع عبادة الله تعالى كثير.

اللهم اغفر لنا زلاتنا وارحمنا واجعلنا علماء صالحين منيبين إليك مخبتين.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين