لماذا الهجوم على المجلس الإسلامي السوري؟

طالعَنا أمسِ مقالٌ مستفزّ على موقع تلفزيون سوريا المعارضة يطعن بالمجلس الإسلامي السوري ويدعو إلى ضم شيوخ النصيرية والدروز والشيعة إليه، ليكون بحسب زعم الكاتب أكثر تعبيرا عن اسمه، وقد سبقه إلى ذلك أيضا بعض المراكز الإعلامية المحسوبة على تنظيم القاعدة في سوريا كما فعلت شبكة إباء الإخبارية، وفي نفس الفترة تعرضت بعض مكونات المجلس إلى هجوم بعض تلامذة الدكتور البوطي ممن يدعي معارضة الأسد.

فما سبب هذه الهجمة الشرسة هل هي مصادفة؟ وهل لاجتماع هذه الفئات المتباعدة -بحسب الظاهر- على عداوة المجلس من سبب؟ هذا ما سأعرض له في هذه العجالة.

تشكيل الهيئات الثورية:

مع بداية الثورة السورية ظهرت الكثير من التشكيلات التي تهتم بجوانب مختلفة من حاجات الثورة الميدانية، وكان أولها التنسيقيات التي تنظم المظاهرات السلمية.

وتحت ضغط نظام الأسد ومجازره المتكررة تحولت الثورة إلى السلاح، وظهرت تشكيلات عسكرية متفرقة تحت اسم الجيش الحر، كما تكونت إدارات مدنية عدة للمياه والكهرباء والمجالس المحلية وحتى هيئات سياسية وإغاثية أو دينية.

لأسباب كثيرة داخلية وخارجية كانت معظم مؤسسات الثورة عاجزة عن الاجتماع أو الاندماج في كيان واحد، وقد نتجت هذه الظاهرة الغريبة بشكل أساس كأثر من آثار عيش شعبنا السوري في ظل الاستبداد أكثر من ثلث قرن، فقدَ معها القدرة على التفاهم والحوار إلا في ظل القوة العسكرية الضاربة.

ونحن إذ لا نبرئ أنفسنا وشعبنا من عدم قدرته على تشكيل إدارات موحدة؛ فإنه من واجبنا أن نشير إلى سبب هذا الخلل الاجتماعي الذي يعاني منه المجتمع السوري.

تشكيل المجلس الإسلامي السوري:

أثناء الثورة السورية تكونت هيئات شرعية في كل منطقة من المناطق المحررة، فصدرت فتاوى مختلفة وتم التعامل مع الوقائع بشكل فردي.

أدركت الهيئات الشرعية العاملة في الداخل والخارج وجوب التنسيق فيما بينها فعقدت اجتماعات عدة بغية تقريب وجهات النظر والعمل على تجاوز نقاط الخلاف، كان من أهمها اجتماع اللقاء الإسلامي، وبعد أشهر طويلة كانت النتيجة اجتماع نحو أربعين رابطة وهيئة شرعية سورية في منتصف شهر نيسان من عام 2014 ليعلنوا عن تأسيس المجلس الإسلامي السوري الذي ضم العلماء والهيئات الشرعية والروابط العلمية السورية، ليكون قرارا مشتركا يعبر عن إرادة موحدة لرموز المدارس الفكرية في سوريا، بغية تنسيق الجهود وتوحيد الكلمة ومنع الفوضى باسم الدين، وكان ذلك ضربة قاصمة لتنظيمات القاعدة وداعش والنصرة التي لم يكن لها أي تمثيل فيه.

وقد قامت هيئات المجلس بانتخاب ممثلين لها في مؤسساته تنوب عنها في إصدار الفتاوى والفصل في المسائل الدينية.

وقد كان المجلس التجربة الثورية الأكثر نجاحا وتألقا في التفاهم بين أطياف المجتمع السوري فضم بين جنباته أنواعا شتى من العلماء من صوفية وسلفية وإخوان وأشعرية وماتريدية وغيرهم، وضم هيئات شرعية تمثل كل المدن السورية صغيرها وكبيرها فكانت رابطة علماء الشام ورابطة العلماء السوريين وهيئة الشام الإسلامية والمجلس الشرعي في حلب ورابطة علماء إدلب وغيرها، وضم إلى جانب ذلك الكثيرين من أهل العلم والفضل المستقلين من الداخل والخارج.

لقد تناسى الجميع خلافاتهم سعيا منهم لتقديم الأَولى ودعم الشعب السوري في مطالبه المحقة، وترك الجزئيات بغية التركيز على ضروريات الواقع المتمثلة في توحيد صفوف الشعب في مواجهة الأسد والقوى العالمية التي تسانده.

وإذ أخذ المجلس على عاتقه المحافظة على ثوابت الثورة والتمسك بإسقاط النظام والدعوة إلى وحدة الصف؛ فقد أعلن عدم تدخله المباشر في الثورة بتنظيم سياسي أو عسكري، إيمانا منه بأن لكل مجال أهله المختصين به، وأن مهمته تكمن في الحفاظ على الجبهة الدينية ومنعها من الاختراق أو الاحتراب والفوضى أو التدخل فيما ليس من شأنها.

إن المجلس الإسلامي السوري يعتبر التجربة الأكثر نجاحا في الثورة السورية، ولو نجحت باقي الهيئات الثورية العسكرية والسياسية والإعلامية بالاندماج في كيان واحد كما فعل المجلس لكنا اليوم نعيش في ظل حكومة راشدة في بلادنا، لا مشردين في بلاد اللجوء أو مقهورين في مناطق النظام وحلفائه.

كيف تجاوز المجلس الإسلامي الخلافات؟

قد يتساءل البعض عن سر اجتماع كلمة المجلس الإسلامي السوري، في حال فشلت الكثير من مكونات الثورة الأخرى.

كطالب علم نشأت في حلب وعرفت خفايا المجتمع السوري وطبقة رجال الدين والمشايخ والعلماء ونشطاء العمل الخيري؛ أجزم بأننا نحمل نفس الأمراض التي تحملها كافة طبقات المجتمع السوري التي اكتسبها تحت سلطة الاستبداد النصيري، الذي عمل جاهدا على تحويل أركان أمان المجتمع إلى عوامل فتنة واضطراب، وعوامل تنوعه وتناغمه العرقي والطائفي والفكري والإقليمي إلى عوامل تنافر واحتراب.

والحقيقة أن الذي جمع كلمة علماء سوريا هم علماء بلادنا الوافدين من الخارج الذين عاشوا خارج سجن الأسد الكبير المسمى سوريا.. لقد تعلموا كيف يتحاورون ويتفاوضون ويقربون وجهات النظر ويتجاوزون الإشكاليات، وهذا ما كنا نفتقده في الداخل لم نكن نملك القدرة على الاجتماع والتفاوض نظرا لعيشنا أكثر من ثلث قرن فرادى لا يستطيع أحدنا أن يحضر اجتماعا مع عشرة من أبناء اختصاصه حتى تشاركهم المخابرات فيه، ثم تستدعيهم وتحاسبهم على قيامهم باجتماعات ممنوعة.

ولقد أعاد المجلس الإسلامي السوري الحياة الدينية في سوريا إلى طبيعتها التي كانت عليها قبل سيطرة نظام الأسد، إذ كان الإخوان والصوفية والفقهاء المستقلون يدا واحدة في مواجهة طغيان السلطة في سوريا لا يفرقهم فكر أو تيار.. كان الشيخ محمد النبهان في حلب والشيخ حسن حبنكة في دمشق وهم كبار الصوفية في بلادنا يجتمعون مع الإخوان وغيرهم للتشاور في أمور الدين وتجاوز السلطة حدها في مجال حريات المجتمع الدينية أو الاجتماعية، وكانت إرادتهم تكسر إرادة السلطة الغاشمة، إلى أن جاء الأسد فبث الفتن وفرق الجموع وأحرق المجتمع وشوه وجه بلادنا ولا يزال.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن إشادتنا بتجربة المجلس الإسلامي السوري لا تعني أنه رمز للكمال، بل هو جهد سوري يحمل بين جنباته كل خصائص المجتمع السوري الآنية إيجابيها وسلبيها، ولكنه تميز عن باقي مؤسساتنا بتجاوز مجموعة من أخلاقيات مجتمعنا السلبية التي أدت إلى التشرذم الذي نعانيه اليوم.

تجربة النظام في طعن الثورة:

لقد قام تحالف أعداء الشعب السوري بضرب الفصائل العسكرية العاملة على الأرض من خلال اغتيال قادتها الكبار القابلين للاندماج وصناعة داعش في ذات التوقيت، وقد حققوا بذلك نصرا -ولو مؤقتا- على الأرض، وهم اليوم يسعون جاهدين لتطبيق هذه الاستراتيجية سياسيا، بغية ضرب الفكر الثوري والمعارض من داخله، والمجلس الإسلامي كهيئة شرعية وحيدة تمثل المعارضة السورية اليوم يحاول بعض المشبوهين تدميره وإشاعة الفتنة فيه ليتم لهم لاحقا تدمير باقي مؤسسات الثورة السورية.

إن الثورة السورية منذ سقوط حلب ودرعا وغيرها من المدن انتهت بشكلها العسكري المضطرب الذي يمثل نقطة اليقظة اللاوعية في حياة الشعوب المقهورة، وإن تجارب الخذلان والتآمر التي تعرض لها شعبنا قد أنضجته وأكسبته خبرة بمداخل الأمور ومخارجها، ونتيجة لهذه التجارب المتراكمة بدأ المجتمع السوري بالتحول من الثورة الارتجالية إلى قضية الفكرة العميقة والتخطيط لها والتجمع حولها، وهذا ما بات يقلق النظام وحلفاءَه اليوم.

الحاقدون على المجلس الإسلامي:

إن المجلس الإسلامي قد أثبت اعتداله في التعامل مع الوقائع في سوريا، وقد قامت فتاواه على محاولة التوفيق بين حاجات الشعب وقواعد الدين، وهو إذ يصدر الفتوى فإنه لا يفرض نفسه وإنما يخرجها كإجابات للأسئلة التي ترسلها الهيئات الشرعية في الداخل، وبالتشاور بين ممثلي هذه الهيئات التي قامت بتكوينه وانتخاب أعضائه ضمن نظام عادل يستحق أن يكون قدوة لكل مؤسسات الثورة.

إن للنجاح أعداءه، ولالتزام المبادئ والعيش بشرف شانئوه، وفي هذا السياق يأتي الهجوم المنظم على المجلس والافتراء الرخيص عليه. وإن الذين يهاجمون المجلس الإسلامي السوري اليوم ثلاثة أصناف:

الصنف الأول:

أولهم المرتبطون بجماعات الغلو والتكفير وهم تنظيم القاعدة وأنصار فكره في الداخل والخارج، الذين يعتبرون المجلس الإسلامي عدوهم الأول لأنه بمرجعيته واتفاق الهيئات الشرعية السورية عليه يسحب منهم أي مصداقية لفتاواهم التكفيرية القاتلة التي لا تشبه شعبنا السوري بوجه من الوجوه، وفي هذا الإطار كان فيديو شبكة إباء الإخبارية بعنوان (بتعرف المجلس الإسلامي السوري).

الصنف الثاني:

إن النوع الثاني ممن يستهدف المجلس أمثال هذا الذي أضاع وقته ليكتب في موقع تلفزيون سوريا مقالا يشتم المجلس تحت عنوان (المجلس الإسلامي السوري وفتاواه الهرمة)، وقد ملأه بافتراءات وشتائم لا تليق بمن يبحث عن الحقيقة بنزاهة.

يبدأ الكاتب مقاله بتوصيف المجلس وكأنه نوع من التنظيمات المافوية الدخيلة على شعبنا شأنه شأن داعش ومثيلاتها فيقول: (أُسّس المجلس الإسلامي السوري في نيسان سنة 2014 باسم الثورة السورية، وتدثّر بعباءتها، وضرب بسيفها، وتموّل باسمها، واكتسب شرعيته بتمثيلها، في جانب مهم من جوانبها، ولكنّه لم يتمتّع بروح الثورة، كما ظنّنا وأمَّلنا..) ولو أن هذا الكاتب أتعب نفسه قليلا ليسأل أو يبحث عن الجهود التي بذلتها الهيئات الشرعية الثورية في الداخل والخارج لتأسيس مكتب تنسيق بينها تحوَّل فيما بعد إلى هيكلية المجلس لما كتب هذا ولاستحى من أن يلطخ قلمه بهكذا توصيف غير مسؤول.

ثم ينتقل المقال للطعن بالمجلس لاقتصاره على الهيئات الشرعية الثورية ويدعو إلى تمثيل النصيرية والدروز والإسماعيلية والجعفرية فيه، فيقول: (وتمظهر خلل هذا المجلس من جهة ثانية في تركيبته المذهبية، فلم يتوافق اسمه مع حقيقته، فاسمه عامٌّ طامٌّ، ولكنّ حقيقته مقصورة على المذهب السني فقط، مع إقصاءٍ وعدم تمثيلٍ للمذاهب والطوائف الإسلامية الأخرى، وكان يُفترض بالقائمين عليه أن يبحثوا بحثًا جادًا وصادقًا لتمثيل بقية المذاهب الإسلامية في سوريا من نصيرية وإسماعيلية وجعفرية ودروز).

يشعر الإنسان أن الكاتب يعيش في حالة انفصام عن واقع الشعب السوري وظروفِ تكوِّن مؤسساته الثورية، وكأن المجلس بحاجة إلى مجموعة من ضباط المخابرات البعثيين برتبة رجل دين ليحوذ الكمال الذي ينشده إنسان سادر لا يعرف ما يقول.

وتراه يلطم في مقاله وينتحب لأنه لم ير امرأة واحدة توقِّع على الفتاوى الصادرة عن "مجلس الإفتاء السوري" إحدى الهيئات المنبثقة عن المجلس، مما يجعله مجلسا ذكوريا بامتياز، يقول الكاتب بأسلوب رخيص: (لو كان اسم المجلس على سبيل المثال لا الحصر "المجلس الذكوري الإسلامي السوري"، أو "المجلس الرجالي الإسلامي السوري"، أو لو كان المجلس الكريم يؤدي دورًا تمثيليًا في مسلسل "باب الحارة"؛ عندها كنّا سنتقبّل أداءه بقبول حسن، ونتفهّم أن يكون مجلس العضوات من الذكور حصرًا، ولا دور فيه للمرأة من قريب أو بعيد).

كما تراه ينتقد أول فتوى أصدرها المجلس في شأن داعش بحزن فيقول: (ومنذ الفتوى الأولى التي أطلقها، وكانت بعنوان: (فتوى حول تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام) تبيّن قصر نظر المجلس، وتحيّزه، وميلانه) ثم يقول: (لقد أطلق المجلس فتاوى متنوعة الأشكال في الخرق، فيها من كلّ طامّة مثال، ومن كلّ مصيبة أنموذج، فتاوى تنضح بالطائفية، وتخلو من الحسّ الوطني... فتاوى يرقى بعضها في آثاره إلى درجة الجريمة الإنسانية التي يحاسب عليها القانون الجنائي الدولي).

ولا يدري القارئ وهو يتنقل ببصره بين هذه الكلمات الغريبة هل هي وصف لفتاوى المجلس الإسلامي السوري، أم وصف لفتاوى شيوخ النظام وقادة الميليشيات الإيرانية التي تذبح الشعب السوري صباح مساء.

كما حاول هذا الطاعن أن يستند في تشويه مجلس الفتوى إلى شخصية راقية مثل الشيخ مصطفى الزرقا رحمه الله، أو إلى أقوال بعض المشايخ الصوفية الذين يمثلون نسبة كبيرة من المجلس، مما يعيد إلى الذاكرة أساليب نظام الأسد في العزف على وتر التيارات الدينية بغية تدميرها وزرع الفتنة في صفوفها.

ومما يزيد الشبهة بكتابات هذا الطاعن أنه قد قام قبل فترة بنشر مقال في نفس الموقع أيضا بعنوان (لماذا لم تثر كلية الشريعة في حلب؟) وكان مليئا بالافتراءات الرخيصة، كما كان تخصيص مدينة بذاتها يذكرنا بأساليب النظام في إثارة الفتن بين المدن السنية بغية السيطرة عليها.

إن ازدياد ظهور أمثال هذه المواد الغريبة من بعض المتزيِّين بزي الثورة يزيد مخاوف المعارضة من تغلغل بعض المشبوهين في مؤسسات الثورة الاجتماعية أو الإعلامية ومحاولة ضربها من الداخل باستخدام استراتيجيات لا تختلف كثيرا عن الأساليب التي سلكتها داعش والقاعدة أثناء تغلغلها داخل الجيش الحر قبل أن تعلن انقضاضها عليه.

وبحسب بعض المختصين بالإعلام السوري فإن هذه المواد الاستفزازية التي تثير الاضطرابات من حين لآخر على مجموعة من مواقع الإعلام السورية وخاصة تلفزيون سوريا هي نتيجة طبيعية لسيطرة مرض الشخصنة عليها، إذ تحولت هذه المواقع الإعلامية تحت سيطرة بعض الشخصيات من المهنية والهدف الأسمى للشعب السوري إلى خدمة أفكار الشخص المسيطر، وهم على العموم مجموعة من العلمانيين المتشددين يختلفون عمن عرفناهم سابقا من علمانيين ذوي توجه وطني خالص، وفي هذا السياق تأتي محاولاتهم استقطاب بعض الكتاب الإسلاميين الناقمين على المؤسسات الدينية الرسمية في صفوف المعارضة، إذ يستخدمون أفكارهم لضرب الوسط الديني وإشاعة الفوضى فيه لتكون الساحة السورية أكثر قبولا للفكر العلماني، وإن استمرارهم بمحاولة صناعة فكر علماني متطرف سيأخذ بالمعارضة السورية إلى تصدعات جديدة لا يحتملها وضعنا الهش أصلا.

وفي هذا السياق كتب أحد الشرعيين في موقع تلفزيون سوريا مقالين ينتقد فيهما المجلس الإسلامي بسبب فتواه في جريمة الشرف، وإذ حاول أن ينقد المسألة من باب الفقه فقد جنح إلى نفس الطريق الذي تسعى إليه هذه المؤسسة الاعلامية فقال: (إن نص الفتوى صيغ بلغة سياسية ماكرة لا بلغة فقهية على طريقة العلماء، ويمكن أن يُفهم هذا في ضوء أن الهدف الرئيس من وراء تأسيس المجلس السوري هو تأسيس مرجعية دينية يكون لها دور سياسي).

الصنف الثالث:

أما الصنف الثالث من الذين يناصبون المجلس الإسلامي العداء فهم بعض تلامذة الدكتور البوطي أو الشيخ أحمد كفتارو ومن على منهجهما ممن يرى الثورة فتنة بحتة أو خروجا على الحاكم لا وجه للحق فيها ولكنه خرج إلى تركيا بغية الاسترزاق والتخلص من الخدمة الاحتياطية.

إن الكثير من هؤلاء يعمل على التشكيك في المجلس وهيئاته بكل السبل، وقد عرفت دكتورا جامعيا -من تلاميذ الدكتور البوطي في تركيا- مخاتلا فاحش اللسان يشتم الدكتور محمد راتب النابلسي ويطعن فيه بأخبث الألفاظ لانضمامه إلى رابطة العلماء السوريين، ويسميها رابطة الإخوان المفلسين أو إخوان الشياطين، في استمرار واضح للنهج البعثي في اتهام كل من يعارضه بالانتساب إلى الإخوان حتى ولو كان خصما لهم.

عندما يتتبع الإنسان أثر هذه الأصناف الثلاثة يجدها تجتمع على أفكار متقاربة وتصب في جحر واحد، وإن تدثر بعضها بالتطرف وبعضها الآخر بالثورة وبعضها بالمنهج العلمي.

مخاوف الأسد

إن توزع شعبنا في المهجر ومعايشته أُمما مختلفة قد ساهم في علاجه -إلى درجة كبيرة- من أمراض الأنانية والفردية وهو اليوم أكثر قابلية للاجتماع على كلمة سواء وإعادة ترتيب أوراقه.

وإن النظام اليوم ومن خلفه روسيا وإيران يدركون ذلك ويحاولون استعادة اللاجئين أو الإمعان في تفريقهم قبل أن تتحد قوتهم، كما يعملون على تأسيس قوة ضاربة داخل الثورة تتدثر بدثارها وتعمل على اغتيالها، ولهذا علينا أن نحذر من هذه القوى الخبيثة التي تتسلل داخل صفوفنا كالأفاعي في الظلام تعتمد المال وسيلة ناجعة في جمع الناس حولها وتفريق الصفوف وشراء الذمم منتظرة لحظة غفلتنا لتغرز أنيابها في ظهورنا.

الختام:

لا أقصد بما خططته هنا التشكيك بفلان أو علان أو هذه الجهة وتلك.. إنما الهدف الوحيد الدعوة إلى الحذر من مخطط جديد يستهدف فكر الثورة ويسعى إلى تدمير مؤسساتها بعد أن وصلت إلى مرحلة النضوج، وإن كل من يصدر عنه فعل غريب يصعب تفسيره أو يتشبث بمحاولة إشاعة الفتن وتوجيه سهامه إلينا بدل توجيهها إلى الأسد وحلفائه؛ هو عرضة للشبهة حتى يثبت العكس.

وفي الختام لا بد من التأكيد على أن المجلس الإسلامي السوري مكون سوري ثوري يخطئ ويصيب في تصرفاته أو فتاواه مثله مثل كل جهد بشري آخر، ولكنه يستحق بجدارة أن يكون مثالا يحتذى في النزاهة والقدرة على تجاوز الخلافات والحوار البناء، وتنظيم الانتخابات الداخلية وعقد الانتخابات الدورية النزيهة لكل الهيئات المنبثقة عنه.

وأما المشككون بمؤسسات شعبنا المطالبة بحقوقه في الحرية والعيش الكريم من متطرفين أو متدثرين بدثار الثورة أو عبيد لآل الأسد فإن عموم شعبنا يعرفهم جيدا بفطرته، لما لهم من سيما مشوهة لا تخطئها البصائر والقلوب.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين