شهر رجب الحرام باب المواسم المتوالية العظام

قال الله تعالى عند ذكر أشهُر العام:{منها أربعة حُرُم}.

ونصت السُّنَّة وانعقُد الإجماع على أن رجب أحدها.

وبدخول رجب يبدأ أشرفُ شطرَي العام، الجامعُ للعبادات العظام وشعائر الإسلام كركنيِ الحج والصيام، وعيدَي أهلِ الإسلام، وفيه رمضانُ وأشهرُ الحج مكتنفةً بالشهر الحرام.

فرجب باب هذه المواسم وممرُّها وأولُّها.

‏وأظهر ما في رجب من الفضل والمزية: كونه من الأشهر الحرُم، مع كونه منفرداً عنها زماناً، ولذا يقال له: الفَرْد.

وأوَّلُ ما يؤمَر به فيه وفيها: ما نصَّ عليه القرآنُ: {فلا تظلموا فيهنَّ أنفسكم}

وكونُ هذا مطلوباً في كلِّ وقت يقتضي: أنَّ المطلوبَ زيادةُ التوقي من ظلم النفس، الذي هو مِفتاحُ كل ظلم وأوله ومدخله.

‏والتوقي من ظلم النفس هو أظهر شطرَي التقوى، ومنه اكتسبت اسمها، وهو شطر الترْك والتخلية عما يُسخط الله تعالى وما يُشغل عن مراضيه.

والشطر الأعظم هو شطر الفعل والتحلية وموضوعه البِرّ.

هذا المعنى الخاص للبر والتقوى، وهما حقيقة دين الإسلام وروحُه

ويستلزم كل منهما الآخر ويدل عليه إذا أُفرد ذِكْرُه 

‏ويقدَّم البِرُّ على التقوى عند جَمْع اسميهما لشرفه وكونه الغاية، وإن كانت التقوى مقدَّمة في الفعل لكونها الوسيلة.

وهذا يناسب تقدُّمَ الشهر الحرام رجب على شهري الحج والصيام والمواسم العظام

فهو ممهِّدٌ لها، وهي مكمِّلةٌ له

وقد صرَّح القرآنُ في آياتِ الصيام والحج بأنَّ مقصودهما التقوى، فأفهم أنَّ البِر أعلاها.

‏وقول النبيﷺ عن شعبان: «ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان»

مع تضمنه تنبيه الخواص على فضل شعبان = فيه:

1.الإقرار على عدم الغفلة عن رجب.

2.وأن عدم الغفلة المُقَرّ في رجب مقارِن ومناسب لعدم الغفلة في رمضان.

وذا يؤكد كون رجب شهر تمهيد واستعداد، كما أرشد القرآن لمزية ترك الظلم فيه

‏فالقرآن أرشد إلى مزية ترك الظلم في رجب، والسنة أقرَّت مزية عدم الغفلة عن البر والخير فيه

والأمران متلازمان، فإنَّ المرء إذا كفَّ عن ظلم نفسه خفَّتْ إلى الطاعة والبر ونشطت، ويزداد ذلك بازدياد استشعار قُرْب المواسم العُظمى كلما مرَّ يوم من رجب

فلا غرو أن كانت حال السَّلف = مزيد النشاط في الخير

‏وهذا النشاط للخير الذي يجده في رجب المستجيبون لله ورسوله إذا دعاهم لما يحييهم لا يحتاج إلى أكثر مما سبق تقريرُه من مزية رجب الثابتة في الكتاب والسنة، وهي كافية لمن عمل بها عن الإحداث والكذب.

وقد دفعتْ كثرةُ محدَثات رجب من يغلو في إنكارها إلى نفي الثابت.

فاقتضى هذا الغلو في الإنكارِ الإنكارَ

المصدر : قناة : ديوان الرواية والاسناد 
https://t.me/arrewayahalthkafh

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين