الأمن والاستقرار.. معزوفة تايتانيك العربية

توشك السفينة على الغرق.. وما زال طاقمها لا يشعر بالقلق.. وينام ليله بلا أرق.. ويبدأ صباحه بالمعزوفة التي يكررها منذ قيادته للسفينة ..

معزوفة الأمن والاستقرار .

سنوات تلو سنوات والسفينة ساكنة على رصيف الميناء .. وطاقمها يخاطب الركاب.. بفخر واعتزاز .. عن إنجازهم العظيم .. بالإبقاء على السفينة .. راسية في الميناء.. طافية فوق سطح الماء .

أسِن الماء.. تعفن الهواء .. تاه الشراع.. تآكل من السفينة خشبها.. وسئم من الربان ركابها.. وبدؤوا يتحينون فرصة القفز من على ظهرها.. وما زال طاقمها يعزف معزوفته اللعينة الكئيبة :

معزوفة الأمن والاستقرار .!

السفن من حولهم تمخر عباب الأمواج، وركابها يتطلعون للسماء ذات الأبراج.. حتى المراكب الصغيرة غادرت رصيف الميناء.. وانطلقت تتهادى في نسيم الهواء.. وهم ما زالوا يُرهِبون الركاب.. بالنظر نحو السفن الغارقة .!

ألا يستحون .. ألا يخجلون .. ألا يرون القافزين كل يوم من سفينتنا أملا في اللحاق بالسفن المُبْحِرة .. لم يرهبهم تخويفهم بالسفن الغارقة .. فقد أدركوا أنها غرقت بفعل أمثالهم من القراصنة ..

ألا يشعرون بالخزي من انتفاخ بطون أسماك البحر من لحوم أبنائنا المهاجرة .. ألا يصمتون عن ترديد معزوفتهم اللعينة الكئيبة:

معزوفة الأمن والاستقرار الزائفة .

أوقفوها واسمعوا أصوات الركاب الهادرة .. إن صوتها يعلو فوق صوت معزوفتكم الزائفة .. بل يعلو فوق هدير الأمواج المتلاطمة ..

لقد أدركوا أن الطفو على سطح الماء.. والرسو على رصيف الميناء.. ليس هو الاستقرار .. بل هو السكون والركود والموت البطيء.. 

رفضوا أن يظلوا موتى على قيد الحياة.. أدركوا أن في سكوتهم موتا.. وفي قيادتكم غرقا .

أيها القراصنة المتشبثون بمقود السفينة ..

أوقفوا معزوفتكم السمجة السخيفة ..

فقد أدرك ركاب السفينة ..

أن مفتاح الأمن والاستقرار .. يكمن في رحيلكم عن مِقوَد السفينة

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين