ففِرّوا إلى الله

بقلم: حسن قاطرجي

في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة والخطيرة التي تمرّ فيها الأمة الإسلامية حيث تعاني من أزمات حادة ومخاطر عويصة تجعلها على مفترق طرق... أزمات لها خمسة عناوين: استلاب هوّيّة الأمة الإسلامية والثقافية، الهيمنة الأجنبية سياسياً على كل بلدان المسلمين (بمعنى الاحتلال السياسي واستعباد إرادات الحكام) عدا الاحتلال العسكري المباشر لفلسطين وأفغانستان والعراق، التخلف الاجتماعي، الاستبداد السياسي الداخلي، وأخيراً أزمة الفساد بكل معانيه الضاربة بجذورها في كل مجتمعات المسلمين... حيال ذلك فإنّ أصدق نداء يحتاجه المسلمون ويُنير لهم الطريق ويُمدّهم - إن استجابوا له - بقوة دافعة هائلة هو نداء الله سبحانه وتعالى لهم

1- فهو يربطهم بالله عز وجل ملاذاً واستمداداً وتوكُّلاً واطمئناناً.

2- وهو تعبير عن وجوب التعرّف على عظَمة الله سبحانه والإنابة إليه فترتاح العقول من الاضطراب والتِّيه وضَنْك الصراع الفكري في عالَم اليوم، وتتغذّى الأرواح بزاد ذكر الله الذي لا غنى لها عنه خاصة في حضارة اللَّهَث وراء المادة والتنافس على الدنيا!

3- وهو النداء الذي يربطهم بمن يقوِّي صبرهم ويَشُدُّ عزائمهم في مواجهة الصعاب والتحديات.

4- وهو الذي يدلُّهم على المصدر الوحيد الذي يجب عليهم أن يتلقَّوْا منه منهجَ حياتهم وقوانينَهم وشرائعَهم.

5- كما أنّ الفِرار إلى الله عز وجل يعني اليقين به سبحانه وتعالى والثقة بوعوده وأنه تقدستْ أسماؤه وجلّ سلطانُه هو الذي ينصر مَن يتولَّوْنه لا ناصر لهم سواه: ذلك بأنّ اللهَ مولى الذين آمنوا، وما النصر إلى من عند الله العزيز الحكيم.
إنّ الفِرار إلى الله عز وجل أعظم واجبات الأمة في كل لحظة وفي كل مرحلة، إلا أن هذا الواجب يتأكد ويَعْظُم في هذه المرحلة بالذات، وصدق الله: اللهُ وليُّ الذين آمنوا يُخرجُهم من الظُّلمُاتِ إلى النور.
فواجبٌ علينا جميعِنا أن لا نلهث وراء سراب الرُّكونِ إلى الظالمين وتَوَهُّم الخَلاص عندهم سواءً أكانوا من الخارج أم ممن يتكلمون بألسنتنا لكنهم يفكِّرون بعقول أجنبية عن ديننا ومصالح أمتنا، والله تعالى يقول: ولا تَرْكَنُوا إلى الذين ظلموا فتمَسَّكُمُ النارُ وما لكم من دون اللهِ من أولياءَ ثم لا تُنْصَرون، فاللهَ نسأل أن يتولانا برعايته وحِفْظه، وأن يجعل فِرارنا إليه عاجلاً سريعاً صادقاً قوياً: إنه أكرم من سُئل، وأعظمُ من دُعي، وأقوى من لُجئ إليه
ففِرّوا إلى الله:

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين