لا تقتلوا هابيل

بسذاجة الطفولة وبراءتها كنت أتصور وأنا طفل أن " قابيل " هو المقتول المظلوم ، و"هابيل" هو القاتل الظالم .

ذلك لأني رأيت الناس يسمون أبناءهم باسم " قابيل " .!

وحين كبرت وعلمت أن " قابيل " هو القاتل ، ظل السؤال يلح عليَّ : 

لماذا يا ابن آدم ترفع ذكر أخاك القاتل وتمجده ، وتضع أخاك المقتول المظلوم في زوايا الإهمال والنسيان .؟!!

إن "هابيل" و "قابيل" ليسا مجرد ولدي آدم ، لكنهما فرعا نهر شق تاريخ البشرية .

فرع يحمل قيم " هابيل " : الخير والرضا والقناعة وعمارة الأرض .

وفرع يحمل قيم " قابيل " : الشر والحسد والغدر والإفساد في الأرض .

والأمم في طريقها نحو التحضُر سنت القوانين التي تحمي " هابيل " وقيمه ، وردع " قابيل " وقيمه .

وبقدر علو قيم " هابيل " في المجتمع بقدر رُقيه في سلم الحضارة .

أما حين يكون مكان " هابيل " في مجتمعه القتل والإعدام والسجن والتشريد .

وحين يكون " هابيل " هو الحائط المائل في المجتمع ، يُضرب ويُشتم ويُقصى .

وحين يُرفع " قابيل " على الأكتاف وتهتف باسمه الحناجر .

فاعلم أنك أمام رِدَّة نحو شريعة الغاب وانهيار القيم ، وسير حثيث نحو خراب الديار .

أيها السائرون نياماً خلف " قابيل " وقبيلته .

أيها السكارى على أنخاب أنَّات الثكالى والمعذبين .

أيها الراقصون على طبول الحقد والكراهية .

أنتم سائرون في طريق انتحار جماعي للقيم والفضيلة .

طريق : الكل فيه خاسرون ، .. أدركوا أنفسكم .. لا تشاركوا في قتل " هابيل " فتصبحوا على ما فعلتم نادمين .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين