قصيدة من أب محب إلى ابنه المتمرد

يشتكي أكثر الآباءِ من تمرّد أبنائهم ، ويشتكي أبناءُ هذا الجيل من توجيهات آبائهم ومتابعاتهم لهم في تفاصيل حياتهم ، في حين يرون اللطف والمسايرةَ من أمهاتهم ، فيظنون أنّ الحبَّ الحقيقي هو فقط عند أمهاتهم !!! ولعلّ هذه المشكلة هي مشكلة كل العصور إلاّ أنها في زماننا أخذت شكلاً آخراً من أشكال تمرّد الأبناء على آبائهم ، واتَّسَعت الهُوَّةُ بينهم إلى درجةٍ خرج فيها بعضُ الأبناء عن حدود الدين والعرف والفطرة … 

اتصل بي أحد المتابعين واشتكى من سوء معاملة ابنه له وطالبني بأن أكتب في هذا الموضوع مقالةً أُلقي فيها الضوء على هذا الخلل الاجتماعي الذي استشرى في زماننا ، فاتكلتُ على الله وكانت هذه القصيدة … 

قصيدتي إلى أبناء هذه الجيل رسالةُ حبّ أتمنى أن تصل إلى كل صفحات الشباب ثمَّ إلى قلوبهم ، ففيها خيرٌ كثير … 

القصيدةُ موجّهةٌ من أبٍ مُحبٍّ إلى إبنه المُتمرّد :

ستظلُّ في قلبي وفي وجداني=مهما فؤادُك يا بُنَيَّ جفاني

مهما رفعتَ حواجزاً وتركتني=وحدي أُكَفْكِفُ أدمعي وأعاني

ولَسَوفَ أبقى في طريقك جنّةً=حتى ولو ناراً عليكَ تراني

فَمُهِمّتي أن أفتديك بأعيني=مهما أَرَيْتُكَ قسوتي بلساني 

كم كنتُ أرجو أن أُريْكَ وداعتي=وأُريّكَ نهرَ عواطفي وحناني

لكنَّ همّي أن أراك موفّقاً=لا أن أُريْكَ اللين كي تهواني

فالله يضمن لي حقوقي عندما=تلقى غداً دنياك برَّ أمانِ

وترى نتائج قسوتي معنىً به=لصلاحِ أمرك في النجاح معاني

عيناكَ تُخبرني بأنك ساخطٌ=وترى زمانكَ كارهاً لزماني 

لا يا بُنَيّ … فما تراهُ بجَعْبَتي =هو لو عقِلتَ هديّةُ الرحمنِ

ليْ ألفُ قلب هُمْ حدائقُكَ التي=كانت بدرب تجاربي بستاني

أعدَدْتُها ليكون قطفُ ثمارها=في راحتيك بأرخص الأثمان !!!

تلك التفاصيل التي تشقى بها =مِنّي وتحْسَبُها لجيلٍ ثاني

هي لو علمتَ بها نجاحُكَ ، كلّما=يوماً قَطَفْتَ ثمارَهُ تلقاني

تُبْكيكَ منّي قسوةٌ ، لو لامَسَتْ=بشغاف قلبكَ أدمعي لبكاني

بيني وبين القبر أقْصَرُ خطوةٍ =وغداً سأتركُ يا بُنَيَّ مكاني 

وغداً ستصبحُ والداً ، وكما أنا=عانيتُ في درب الحيا ستعاني

ويراكَ مَنْ تعطيه عمركَ ، مثلما=في رحلتي فوق التراب تراني

وأظنّ أنك يومها ستَوّدُ لو=آتي إليكَ وحاملاً أكفاني !!!

كُنْ ما تريدُ وعِشْ حياتَكَ وأنتبهْ=ومِنَ الدعاءِ بُنَيَّ لا تنساني …

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين