تعقيب على مقال (القرآن الكريم مؤسس العقلانية)

قرأت مقالة الأستاذ أحمد محمد كنعان الأخيرة، المنشورة في موقع رابطة العلماء السوريين تحت عنوان (القرآن الكريم مؤسس العقلانية) ولي عليه التعقيبات التالية:

أولاً: يقول كاتب المقال: "أما ما حصل من خوارق على يدي النبي صلى الله عليه وسلم، لم تكن رداً على التحدي، اللهم إلا قصة انشقاق القمر، التي اختلف العلماء في حديثها، ما بين ضعيف أو موقوف أو منقطع . فإذا صح هذا تكون الرسالة الخاتمة لم يصاحبها أية معجزة حسب التعريف الذي ذكرناه آنفاً وأجمع عليه العلماء ".

وهذا الكلام عار عن الصحة تماماً، لأن معجزة انشقاق القمر مثبتة بقوله تعالى في سورة القمر(اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر)، وقد أجمع المفسرون على أن هذا الانشقاق حدث في زمنه صلى الله عليه وسلم، ولأن حديث انشقاق القمر ورد في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما ويعده أغلب المحدثين متواتراً أو قريباً من التواتر، يقول ابن كثير في فصل من كتابه البداية والنهاية، عنوانه (انشقاق القمر في زمن النبي صلى الله عليه وسلم): "وقد أجمع المسلمون على وقوع ذلك في زمنه عليه الصلاة والسلام، وجاءت بذلك الأحاديث المتواترة من طرق متعددة تفيد القطع عند من أحاط بها ونظر فيها،ونحن نذكر من ذلك ما تيسر إن شاء الله"، ثم يقول بعد أن يذكر عشرات الروايات والأسانيد والطرق لتلك الحادثة: "فهذه طرق متعددة قوية الأسانيد تفيد القطع لمن تأملها".

ثانياً: تكلم الكاتب في مقاله عن ذم القرآن الكريم لما سماه (الآبائية) مثل قوله تعالى (قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا)، ولكن، ألا يقول الله تعالى أيضاً حكاية عن سيدنا يوسف عليه السلام: (واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون)، ويقول سبحانه في سورة البقرة: (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحق إلهاً واحداً ونحن له مسلمون)، إن الذي ذمه القرآن الكريم ونهى عنه هو التقليد الأعمى، أما اتباع الآباء إن كانوا على الهدى والحق فممدوح ومطلوب، غير أن من يزعمون أنهم متنورين يستخدمون مصطلح الآبائية هذا بشكل عام ليكون مدخلاُ لهم إلى نبذ التراث الإسلامي كله بحجة أنه من نتاج الآباء، وهذا أمر خطير جداً، وهو من الأمور التي يروج لها من يسمون أنفسهم زورا( القرآنيين)، وما أسعد أعداء الإسلام إن نبذنا تراثنا العظيم، من كتب حديث وسيرة وتفسير وفقه وغيرها، لا يزعم أحد أن كتب تراثنا مقدسة ومنزهة عن الخطأ، ولكن هؤلاء يريدوننا أن نرميها في البحر وكأنها لم تكن.

ثالثاً: وقال الكاتب إن قصة سيدنا إبراهيم عندما طلب من ربه أن يريه كيف يحي الموتى هي دليل على أن القرآن الكريم قد أسس بذلك إلى منهج العلم التجريبي، وحاشا لله أن يكون ذلك من باب العلم التجريبي المعروف، فالعلم التجريبي يتعلق بالماديات فقط، هذا من جهة، ومن جهة أخرى هل علينا أن نعيد هذه التجربة لكل ملحد حتى يؤمن بالله؟ وثالثة الأثافي هي أن تسليمنا بذلك يجعلنا نشكك في إيمان سيدنا إبراهيم عليه السلام، وحاشاه، والله يقول عنه عليه الصلاة والسلام في سورة الأنعام: (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين).

للاطلاع على مقال القرآن الكريم مؤسس العقلانية هـــنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين