محبة طلاب العلم لشيوخهم وأساتذتهم

 

إن مما يتقرب به الى الله سبحانه وتعالى: محبته سبحانه، ومحبة أحبابه والعلماء من أحبابه سبحانه:وهم ممن قال سبحانه فيهم : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) وبخاصة العلماء المجاهدون.


وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( العلماء ورثة الانبياء ) وميراث النبوة لايعد له شيءٌ في الميراث.


وقد تعودنا على حبهم ، أيام طلب العلم ؛ حيث كنا نقبل على أساتذتنا وشيوخنا بالأدب والسلام ، بل وتقبيل الأيدي...!ّ ونتسابق إلى حلق الدرس بكل احترام، ونقبل منهم كل توجيه، ونحمله على احسن ما نظنه فيهم من الشدة في غير أذىً، ومن اللين في غير تهاون؛ أوغير اكتراث.


هم المثل العليا، وقدوات الخير، ومحل الأمانة والأمان فإذا وجهوا لنا- أولأحدنا – كلمة طيبة فيها شيء من الثناء، طار بها فرحا، وكأنها شهادة فخر، وتاج عرفان.


وإن وجهوا لنا كلمة فيها شيء من التأنيب، شعر الواحد منا، وكأنه اقترف ذنباً، ولاذ خجلاً وحياء، وكأنه فعل أشد العصيان.
تكفي الإشارة عن العبارة، والتعريض عن التصريح، وذلك اجدى بالتربية، وأبلغ في مواطن الإحسان.


سقيا لتلك الأيام التى ذقنا فيها حلاوة العلم، وطعم الايمان.
أذكر أن الشيخ العالم الرباني عبدالكريم الرفاعي رحمه الله تعالى، وجميع أساتذتنا وشيوخنا العظام- وكان الشيخ من التواضع بمكان، وكان في تدريسه باشاً رقيقاً، يمسح على رأس أحدنا، أو يربت على كتفه قائلا : كيف حالك يا شيخ .. محمد .. إبراهيم .. الخ.


فيسري قوله إلى أعماق النفوس حباً واجلالاً وإذعان.
واسمحوا لي أن أقول: أن تلك الفترة التى عشناها في طلب العمل، كانت الزاد، والذخر لنا في كل حياتنا على مدى الأيام.


ومما لازلت أذكره، ونحن في السكن الداخلي للثانوية الشرعية بدمشق- ودمشق أغلى عندنا من قرانا والأوطان – أذكر الشيخ الصالح محمد الدرخباني رحمه الله تعالى يوقظنا الى صلاة الفجر، فكنا بين متثاقل، وبين متجاوب، فكان يتلطف بالأول، وكان يبارك بالثاني- بارك الله فيك- وبعد ان نحضر للصلاة – يندب أحدنا فيقدمه للصلاة، وهكذا يكون التدريب في أجواء الحب والإيمان .


أليس هؤلاء الطلاب الشرعيون – واسمحوا لي يا إخوتنا وأحبابنا من غير الشرعيين ، ففيكم والله الأخيار – هم اللذين وقفوا بصدق في نصرة قضايا الأمة، وواجه شيوخهم الاحتلال الفرنسي، وكذلك واجهوا طغيان الأحزاب، والطائفيات بالحكمة والثبات.


هذا وإن تضحيات طلاب العلم الشرعي، بل العلماء والشيوخ فيما بعد، هي التى بعث وعززت مواكب الإيمان في بلادنا المباركة في كل الاوقات.


وسيبقي هذا الدفع والعبق المبارك سارياً في الأمة إلى ما شاء الله تعالى لأن بلاد الشام بلاد باركها الله سبحانه من قديم الزمان.


لكم.. يا شيوخنا وأساتذتنا، من قضى منكم نحبه، ومن ينتظر، تحية إجلال واكبار وعرفان.


ندعو لكم بظهر الغيب، ونحبكم في الله، والحب في الله، من أعظم الأثمان.

 

نائب رئيس رابطة العلماء السوريين
د. إبراهيم بن محمد الحريري

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين