اللطف والغلظة والجفاء

قارن الداعية محمد ياسر عرنوس خطيب مسجد نور الدين زنكي في خطبة أمس بين صفة اللطف عند لطفاء النفوس وصفة الغلظة والجفاء عند غلاظ النفوس وجفاتها ، وذكر أن صفة التلطف والرفق في التعامل من صميم الدين وأصل أصيل من أخلاق المسلم مستشهداً بقوله عليه الصلاة والسلام إن الرفق لا يكون في شيءٍ إلا زانه، ولا ينزع من شيءٍ إلا شانه»، أخرجه مسلم.ونوَّه أن صاحب الطبع الغليظ يبتعد عنه الناس ولا يودون مخالطته ( ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك )

وأشار إلى أن القرآن الكريم نزل غضاً طرياً لطيفاً في تلاوته وأن الرسول عليه الصلاة والسلام أشار لمن يريد أخذ القرآن أن يتعلمه على من تلطف في أخلاقه فأثرت هذه الأخلاق على تلاوته (من سرَّه أن يقرأ القرآن غضًّا كما أُنزل، فليقرأه بقراءة ابن أم عبد - أي عبد الله بن مسعود- رواه أحمد وابن ماجه,

وذكر في الخطبة إلى أن الرفق والتلطف إنما يكون بأمرين:

الأول أن يراقب المؤمن نفسه ويصبر على تهذيبها في أسلوب التعامل ( واغضض من صوتك واقصد في مشيك ) و( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً).

والثاني : أن يصحب أهل الأخلاق العالية ولطيفي التعامل وحليمي النفوس ويتعلم منهم هذه العادات ليصير مثلهم .

وضرب الخطيب مثلاً لذلك ورد في سورة الحجرات عن حال بعض جفاة الأعراب الذين ما تلطفت طباعهم ولا تهذبت نفوسهم لجفوتهم عن أخلاق ألصحابة المخالطين لرسول الله صلى الله عليه وسلم كيف نادوا رسول الله من خارج بيته وحجراته في وقت راحته بصوت عال ودون استئذان وبغلظة وجفاوة ( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيراً ) قال الطاهر بن في تفسيره ما حاصله ( العقل المنفي هنا هو عقل التأدب) ،

وختم الخطبة أننا إذا أردنا أن نرتقي من حضيض الجفاء والغلظة إلى علياء الصفاء واللطف فلا غنى لنا عن سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام والتأدب بآدابها والتأثر بحال من تأثر بتلك الأخلاق منوهاً كيف تلطف الرسول الكريم حتى مع طفل صغير مات طير له فكان كلما رآه قال له مواسياً هذا القلب الصغير -الذي لم يشعر أحد بحزنه- إلا الرسول اللطيف: ( يا أبا عمير ما فعل النغير ) رواه البخاري ومسلم.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين