حملَة الرايات والشعارات بين الأراضي المحرّرة والأهداف المحقّقة!

في الثورة السورية : لكلّ حامل رايةٍ وشعار، هدف يسعى إلى تحقيقه !

(1) الأهداف الثابتة ، للشعب السوري : التي أجمَعت ، عليها ، أكثرية القوى السياسية، والفصائل المقاتلة .. في مقدّمتها : إسقاط النظام الأسدي الاستبدادي .. ووحدة سورية ، أرضاً وشعباً .. وتحرير البلاد ، من سائر الغزاة والمحتلّين ..!

(2) أهداف المجموعات ، التي ترفع شعار الحكم الإسلامي :

وأبرزها مجموعتان هما : داعش ، وجبهة تحريرالشام !

وبين المجموعتين ، خلافات كثيرة وحادّة ، وقتال شرس ، في جبهات ، عدّة ، من الساحة السورية ! فهيئة تحرير الشام ، تسمّي الدواعش : خوارج ! وهذايعني ، أن الفكر الداعشي مرفوض ، لدى الهيئة !

ولأن داعش مشبوهة ، مريبة : منشأً ومسلكاً ، وشعاراً وانتماءً ، ومصنّفة ، لدى شعب سورية ، قبل غيره ، بأنها : منظمة إرهابية ، غريبة عن الشعب السوري ، المسلم السنّي في أكثريته الساحقة .. وهو غريب عنها ، وعن طروحاتها .. لأنها كذلك ، نجدها خارج دائرة الشعب السوري ، وثورته ، وأهدافه التي تتاجر بشعاراتها ، على سبيل المزايدة ، وتلويث الثورة ، بسلوكاتها المنحرفة ، التي تستثير عداوة العالم ، كلّه ، بداية من شعب سورية ، نفسه !

أمّا (هيئة تحرير الشام) ، التي تعلن انتماءها ، إلى شعب سورية .. فأهدافها مختلفة، كذلك ، عن أهداف الشعب ! وقتالُها لتحرير البلاد ، ينصبّ ، في أكثر الأحيان ، على تحرير المحرّر ، الذي تسيطر عليه ، فصائل الجيش الحرّ ! وهذا يجعل منها ، مشكلة حقيقية ، في صراع الشعب ، ضدّ جلاّديه النصيرية ، وحُماتهم ، من الروس والفرس ، وغيرهم ! كما يجعل منها ، مشكلة ، أمام أنصار الشعب السوري الحقيقيين ، الذين يدعمونه ، بقوّة ، ويحافظون عليه : وطناً وشعباً وأهدافاً !

وإذا كانت نيّات القيادات ، في هيئة تحرير الشام ، صافية ، خالصة لله ؛ وهو ما نأمله ، ونتمنّاه ؛ لِما لها ، من قوّة على الأرض ، ولِما تقدّمه ، من تضحيات .. فنرجو، أن تصحّ الأعمال ، وتكون صواباً ؛ فالأعمال غير الصائبة ، قد تدمّر دولة ، أو أمّة .. ولو صحّت نيّات أصحابها !

والسؤال الهامّ والخطير، هو: لو تمكّنت هذه الجبهة ، من السيطرة ، على سورية ، بعد تدمير أكثريته : قتلاً وتهجيراً ؛ بسبب سياساتها ، وعراقيلها ، في وجه الثورة .. فكيف تطبّق أهدافها ، فيها ؟ وكيف تسوسها ، داخلياً وخارجياً ، على ضوء النسق السوري الراهن ، الذي تعبث به : سياسياً واقتصادياً ، وفكرياً وثقافياً ، سائرُ قوى الشرّ العالمية ؛ حتّى لو خرجت جيوشُها ، من البلاد !؟

وهل ستكون ، لمنظّريها ومفكّريها وفقهائها ، نظرة واحدة ، إلى الأمور، كلّها ، بما فيها طريقة حكم البلاد ؟ أم سيختلفون ، ويقتل بعضهم بعضاً ، على اجتهادات متنوّعة ، وتتبع كلُّ مجموعة فقهاءَها ، فيتمزّق الشعب ، فوق ماهو عليه ، من تمزّق ؟

وهل في تاريخ الخوارج ، المعروف لقرّاء التاريخ ، عظة وعبرة ، لمن يسلك مسلكهم ، في العصر الراهن ، بعدما أصبحوا ، جمبعاً ، من : أزارقة ونجدات ، وصُفرية وإباضية ، وغيرهم .. أحاديثَ ، في صفحات التاريخ ، ومضى كلّ منهم ، إلى ربّه ، بما حمل ، في رقبته ، من دماء المسلمين !

(3) أهداف الجماعات الكردية ، الموزّعة ، بين شعارات الحكم الوطني ، وشعارات الفئات المتطرّفة ، المنادية بتشكيل وطن خاصّ بها ، مقتطَع ، من كيان الوطن السوري .. هذه الأهداف ، وتلك ، نحسبها واضحة ، لدى كلّ فريق : فالفريق الوطني الكردي ، المندمج في الجسم السوري ، والرافع لأهدافه .. يعرف مايريد ، من بلاده ، وما تريد منه بلاده ! أمّا الفريق الآخر، فيبدو أنه ، سيظلّ يلعق المبرد ، حتى يهلك ، بمبارد الآخرين !

ولن نتحدّث ، هنا ، عن القوى السياسية ، المؤيّدة للعودة ، إلى سيطرة بشار الأسد ، مع تحقيق بعض التغييرات في السلطة .. فهذه أمرها معروف ، حتى لو سلكت نفسَها ، في سلك المعارضة !

كما لن نتحدّث ، عن القوى الطائفية ، غير النصيرية ، التي تبحث، عن ضمانات سياسية، في ظلّ حكم الأكثرية السنّية ، بعد تحرّر البلاد ، من نظام الأسد ، وحُماته المحتلين للبلاد.. فهذا النوع ، من التفكير العابث ، لا يبنى عليه موقف جادّ ، حتّى على المستوى النظري الجِدَلي ، البحت ؛ لأن هؤلاء ، أنفسهم ، يعرفون ، جيّداً ، كيف كانت سورية ، لأهلها ، جميعاً ، وماذا حصل فيها ، في ظلّ الحكم الطائفي الحالي ، ويعرفون ، إلى أين تصل البلاد، في حال إصرارهم ، على هذا النوع ، من العبث المقيت !

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين