انتقام من نوع آخر

إقرار العقل بصعوبة الحياة هو مدرسة أستخلص منها التجارب والعبر ، وخوف القلب من مخاطر الغدر هو عين الإحاطة بالحماية ، كان لي اهتمام بقضايا أناس بكوا وخافوا وأرادوا الحماية فقط ، لم يكن لي بد من أن أستوعب ما يحدث في عالم فيه جانب مظلم من حكاية النيل من شرف كلمة الحق وعنفوان تمكين دين الله أحب من أحب وكره من كره .

في خطواتك سيدتي أشتق قوة فهمي لجريمة القتل الغير مباشر وأنت تبدين بابتسامك الساحرة ولا تبالين ، أشعر ما بداخلك من غضب بل من ثورة ، في نظراتك الحزينة أفهم أنك في خطر ولا تتكلمين حينما يراد بك رضوخا لمطالب الفساد ، في مشيتك بهمة عالية محررة من حزام الأمن الهش الذي أحطت نفسك به رسالة لمن يحيطون بك أنك تواصلين مسار الحياة لأنك ترغبين في ذلك ، والرغبة متولدة من صراع بين الزمن وبين الرصاصات لما تكون طائشة ، كتب لها أن تكون لا شيء على جدار الفشل و الإخفاق ، ومن هنا أفهم أن حرية المناداة بالحق لها تعابير و تقاسيم و شروط ، كم أنت رائعة في مهنتك وشريفة في أخذ كسبك بالحلال ومناداتك بالكفاية عن الفساد وسرقة المال العام الذي أضحى في جيب المغتصبين والمجرمين حكاية أخرى ، كم تعجبني قامتك أيتها الحرة وأنت تكتبين كلمة الحق على ورق من مخاطرة وبمداد الشجاعة ، وكم تعجبني هامتك وأنت ترسلين ثقتك حول نفسك لتلفي غضبك بلجام الصبر والاحتساب ، فالبيئة فاسدة تفوح منها رائحة الإكراه بالعيش المرير ولكنك تنتقين لقمة العيش بدقة متناهية وسط كوم المضاربات والمساومات ، يا الله على ترتيباتك لبيت الحكمة في طاعة منك لربك وفي امتنان منك لمن باتوا يدعون لك بالخير والصلاح والتوفيق ، كم أنت محظوظة وكم أنت موهوبة في مجتمع لا يسمع إلا لصوت الجريمة بكل أشكالها حتى المستحدثة منها بات الفاسدون يتعلمونها بدقة وبتعاليم دين لا يمت بصلة لديانة الإسلام التي شرفت وكرمت المؤمن وألبسته حلية الأتقياء ، رائع جدا إنصافك سيدتي في محافل المظالم وأنت تعترضين طريق الطغاة بكل قوة واحترافية في قيادة مصيرك نحو ما يرضي الله وما يرضي ضميرك ، كم تبدو سلعة الحق غالية وكم تبدو ضريبة إثباتها شاقة جدا ، لكنها تدريبات نحو الأفضل ونحو تعلم فنيات الانتقام حينما يكون ضرورة لازمة لبشر لا يريدون السلام ولا يريدون الصفاء بل يريدون السباحة في كل ما هو عكر بوحل الظلم ووسخ الحرام ، ليس الحرام عبرة تقال لننسب الشر لأهله ونسكت بل هو وصف لكل ما اعترض طريقك سيدتي وأنت تفرزين دقات قلبك لتكون حلالا فتنتعشين في رؤياك للدنيا وتميزين بين الخبيث والطيب ، صدقا عاجزة عن تقديري لك وأنت نموذج للطهر والنقاء .

تقولين على مسامعي أن الحب للجميع وتصرحين أمامي أن الانتقام لمن طغى وبغى وقتل الأبرياء ولو بقتل معنوي أو إكراه نفسي ، جميل هذا العدل ورائعة هي حقوق الإنسان حينما تصان بأياد نظيفة ، فلا أكل فاخر تتسابقين عليه في مسعاك للبقاء حية ولا ملبس محلى باللياقة تركزين فيه على جمالك ، فكل همك إنصاف قضية عادلة ، هي عادلة في رحم الأحزان ولكن تريدين أن يكون ميلادها بغير عملية قيصرية ، فالعملية تترك آثارا وأنت سيدتي من فئة لا تحب الآثار في عملية الإصلاح والإنجاز الباهر.

تخونني الكلمات في وصف نضالك الحر والوحداني ، ويرتعد قلمي في تمديد مدة الإعجاب بلياقة شخصيتك ، لأني ببساطة أستمد الإلهام من نموذج المرأة المحافظة على الشرف وكبرياء العدل في جوف مظالم طالتك وحاولت النيل من جمال ابتسامتك .

وبما أني أعترف بعجز واضح وضوح الشمس في نهارها ، فإني أفهم منك انتقامك أنه رد فعل للدفاع عن النفس والخير والإنصاف والجمال بكل أوصافه وألوانه في كل مكان تتواجدين فيه بأحقية القانون والشرع الإسلامي ، إسلامي بعلو كلمة الحق وقانوني باعتدال ميزان الحقيقة ، فضوابط التكريم امتدت لك على طبق من اعتراف وإعجاب وتقدير لشخصك المعطاء وبدون انتضار لكلمة شكر ، فالوقت لديك أغلى من وقفة سماع لكلمة تقدير ، لأنه في ضفة المرضى تمتدة أعناق المرضى ينتظرون تتويجك بلقب الكريمات العفيفات الوقورات في مدهم بأمل العيش الرغيد ، ودنو نهر الظلم الذي طال المظلومين يتوقف في إرساليته لطوفان الفتن حتى يبشرك الباكون ممن هددهم الفساد أن بين يديك شمعة الأمل تضيء كل الدنيا من ظلمها الدامس، أحيي فيك انسلاخك من دلال الوالدين وحماية رجال آخر الزمان وأحيي فيك تضحياتك الجسام ولن تسع الصفحات كلمات التبجيل لك أيتها الوقورة القوية الغاضبة المتمردة في أوقات الغضب والاحتقار، أشكرك وأقبل جبينك أنك تستحقين وسام الاعتراف بأنك بطلة الأعوام التي خلت وهذا العام بمناسبة قصتك مع الفساد عبر دواليب دارت ولا زالت تدور في حلقة الاستمرار الفاشل ، أنت النموذج والقدوة والبوصلة التي تدير العالم ليركن لحقيقة أن وعد الله حق وأن الله ناصر عبده المؤمن ولو بعد حين...سلامي لكل المظلومين في العالم وتحية إعجاب لكل البطلات الصامتات في كفاحهن لإنصاف الحق اللامع ، وتحية تقدير للوالدين من أنجب وربى طفلة بريئة طاعت ربها فخضعت لأوامره حتى غدت امرأة ناضجة بدروس الحياة والمحن فامتد عودها لتشهر سيف العدل في أوجه الفاسدين على أن رسالة القوة ليس شرطا ان تكون بيد رجل ، فكريمات الرسالة المحمدية شرفتها المعصومة فاطمة الزهراء وخديجة بنت خويلد والكاهنة في عصر متوسط من الزمن حتى تصل إلى جميلة بوحيرد ولا تزال القائمة مفتوحة بامتداد عصر الكفاح ولن تتوقف رسالة البطلات حتى تنتهي الدنيا وتقوم قيامة الله على شرار الناس، فيكفينا فخرا أن في السماء عدالة إلهية تفوق وتتربع على عرش الكون كله ، فلا داعي للتضليل أو التهديد أو الاستمرار في توسيع بؤرة فساد الأخلاق والقيم ، لأن الله سيمكن هذا الدين على أرضه ويكتب القوامة لأناس هم أجدر بإخراج سيف الحق من غمد الخنوع ليمتد بريقها إلى أن تصل إلى فلسطين وتجول في العراق وتنتقل إلى اليمن وسوريا وبورما فتحرر المكبلين بقيود الظلم والاستعباد..هنيئا لكل مكافح بلغة الانتقام من نوع الحق ومن نوع حسن الظن بالله...........

وللحديث بقية في نصرة المستضعفين على الأرض من هم مؤيدون في السماء بقدرة قادر وليس بحكاية فاسد سيتولى الله أمره بسوء خاتمة تكون عبرة لمن يريد الاستمرار في انتهاز حقوق الانسان.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين