الإضاءات التسع في إبعاد العنف

العنف اللفظي بين الأزواج لا يقل إيذاءً وإيلاماً عن العنف الجسدي ، بل كثيراً ما تزول آثار العنف الجسدي بشفاء الجسم من آثار الضرب ولا تزول آثار العنف اللفظي الذي يبقى محفوراً في الذاكرة ، مغروساً في القلب ، ممزوجاً بالمشاعر والأحاسيس ، لا تنجح الأيام في محوه ، ولا تعين الكلمات الطيبة على نسيانه .

ولهذا نجد المرأة تذكر كلمات سمعتها من زوجها قبل عشرين سنة أحياناً ، تستحضرها وكأنها سمعتها اليوم ، ترددها بصوت متهدج ، وعين باكية ، وحسرة مضاعفة .

في المقابل نجد الرجال – عامة – ينسون ما يسمعونه من زوجاتهم من ألفاظ قاسية ، ولكن هذا ليس على إطلاقه ، فهو لا يشمل الرجال جميعهم ، ولا يشمل الكلمات كلها ، المهم أن الرجال لا يستحضرون كلمات زوجاتهم كما تستحضر النساء كلمات أزواجهن وأرجو من الرجال والنساء أن يضبطوا أنفسهم ما استطاعوا ، وأقترح عليهم ما يلي للنجاح في ذلك : 

1- الانتظار بضع ثوان قبل إطلاق كلمة قاسية أو جارحة ، ويحسن أن لا تقل عن ست ثوان ، فإن هذا الوقت القصير يكفي – في كثير من الحالات – لصرف الرغبة في إطلاق الكلمة السلبية أياً كانت .

2- ويحسن في هذه الثواني الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ، ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وجد رجلين يتبادلان السب والشتم فقال (( إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد ، لو قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لذهب عنه ما يجده)) ، أي لذهب عنه ما يثور فيه من غضب .

3- ليستحضر كل من الزوجين أنه يملك الكلمة التي تريد الانطلاق على لسانه ضد صاحبه ، فإذا نطق بها صارت الكلمة هي التي تملكه ، وكأنما أعطى الزوج الآخر ما يدينه به ، فصار مديناً له ، مأسوراً بما أطلقه لسانه .

4- إذا وجد أي من الزوجين المتشاجرين أنه لا يستطيع الصبر على كلام صاحبه وأنه يرغب في الرد عليه فلا بأس من أن ينسحب من أمامه ، كأن يخرج الزوج من البيت ، أو تتوجه الزوجة إلى غرفة أخرى .

5- يحسن بالزوج أن يحيط بطبيعة المرأة العاطفية حتى ينجح في الصبر على ما يصدر عنها فلا يندفع إلى شتمها أو اتهامها عبر أي كلمة تجرحها أو تؤذيها .

6- على الزوجة – من جهتها – أن تتحلى بالحلم فلا تستثير زوجها فتدفعه إلى شتمها وسبها ولا تبدأ باتهامه أو نقده ؛ بل تلجأ في نصحها له ، وطلبها منه إلى الأسلوب الرفيق غير المباشر .

7- لتسجل الزوجة الأمور التي تشعل غضب زوجها عادة فتجعله يشتمها حتى تحرص على تجبنها ما استطاعت .

8- ليتفق الزوجان على عدم الشجار أمام الأبناء فهذا يقلل أوقات الخلاف ويضيق فرص تطوره إلى شجار يتبادل فيه الزوجان العنف اللفظي .

9- ليخصص الزوجان ساعة أسبوعية للحوار الودي على أن يبدأ هذا الحوار بالدعاء إلى الله سبحانه أن يشرح صدريهما ، ويبعد الشيطان عنهما ، ويؤلف بينهما ، ثم ليتفقا على أن لا يضيق كل منهما بكلام صاحبه وأن ينصت إليه باهتمام .

وفقكما الله ، أيها الزوجان ، إلى حياة زوجية سعيدة هانئة مستقرة خالية من أي عنف ، سواء أكان عنفاً بدنياً أو لفظياً ، وأعانكما سبحانه على التحلي بالرفق والحلم .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين