قدِّموا تصور الإسلام الشامل كما جاء دون تشبيهه بالمفاهيم الغربية المعاصرة

لا أحبّ أن أمدح الإسلام في قيمة يبجّلها أهل هذا العصر، وخصوصا المهيمنون على سلطة وضع القيم والقوانين وتوجيه الإعلام.

أشعر حينئذ أنّني أقول لهم بسذاجة: إنّ القيمة الحسنة التي توصَّلتم إليها بعقولكم يوافقكم عليها الإسلام! بل وكثيرا ما يكون هذا الاشتراك في القيمة في العناوين العريضة فقط، ويظهر ذلك في عناوين مثل: "الإسلام كرّم المرأة، الإسلام حفظ حقوق العمّال، الإسلام حفظ حقوق الحيوان، الإسلام يدعو إلى الحرّية".

فهل تكريم الإسلام للمرأة هو نفسه ما يخيّل للعقلية الليبرالية المعاصرة التي تريد جعل المرأة ندّا للرجل لا تختلف عنه في شيء من الوظائف الاجتماعية؟ 

وهل حفظه لحقوق العمال هو نفس تصوّر بعض الحركات اليسارية لحقوق العمّال؟ وهل حفظه لحقوق الحيوان هو نفس تصوّر بعض الحركات التي تعتبر ذبح البهائم جريمة ينبغي الكف عنها؟! 

وهل الحرية في مفهوم الإسلام هي نفس الحرية التي يدعو إليها دعاة الحرية اليوم؟

إنّ أفضل شيء نفعله لهؤلاء هو أن نقدّم لهم تصوّر الإسلام الشامل عن كل شيء: عن الوجود والحياة والغيب وحقيقة الدنيا ومفهوم الشريعة والغاية من الخلق وحقيقة الإنسان ودوره في الحياة ومفهوم الإسلام عن المجتمع والأسرة والدولة.. نقدّم لهم هذا التصوّر كما جاء – وكما فهمناه – من الكتاب والسنة، ثم نتركهم لضمائرهم، ليختاروا الإسلام أو ليعرضوا عنه.

وحين نخبرهم بحقيقة الإسلام نخبرهم معها بمحاسن هذا الدين، لتلمس فطرهم تلك المحاسن دون أي محاولة لتشبيهها بما لديهم من شعارات ومفاهيم، وحينئذ سيدرك العاقل الباحث عن الحقّ محاسن التوحيد والأخلاق والشرائع في الإسلام، سيدرك ذلك حين يرى الصورة كاملة ويقارنها بركام الجاهليات الذي يعرفه قديما وحديثا.

لسنا بحاجة إلى أن نوهمهم بأنّ الإسلام هو ما يريدونه تماما، فالأمر ليس كذلك، وكثير منهم أذكياء وينفّرهم هذا الخطاب، بل يعكس لهم ضعفنا وضحالة أفكارنا، فنحن لا نستطيع الدعوة إلى الإسلام والترويج له إلا بالالتصاق بالشعارات التي يدعو إليها هؤلاء، فما الذي سيجعلهم يُقبلون على دين غايته تحقيق ما يمارسونه بالفعل من شعارات وتوجهات؟ وكيف سينجذبون إلى دين يعرضه أصحابه في مقام التابع للمفاهيم الغربية المعاصرة؟

قدّموا الإسلام للعالم كما أنزله الله، غضّا نقيّا بلا شائبة من محاباة أو محاولات ساذجة لتزيينه، عسى أن يلامس قلوبا جادّة تدرك أنّه الحق، كما كان حال الذين قال الله فيهم {وَیَرَى ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡعِلۡمَ ٱلَّذِیۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلۡحَقَّ وَیَهۡدِیۤ إِلَىٰ صِرَ ٰ⁠طِ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡحَمِیدِ}.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين