أبرز حُرَّاس سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

تعريف الحراسة: 

هي: الحِفْظُ، والواحد حَرَسِيٌّ، ولا يقال: حارِس؛ لأنه صار اسمَ جِنْسٍ فنُسِب إليه، إلا أن يُذْهَب به إلى معنى الحِراسة، وجمع الحَرَسِي حُرَّاسٌ، وأَحْرَاسٌ، وحَرَس.

فضل الحراسة في سبيل الله: 

الحراسة في سبيل الله ضرب من الجهاد، وفيها فضل عظيم، وأنها بالليل عند الحاجة إليها أفضل من صلاة الليل، وأنه لا بأس من الصلاة حال الحراسة والرصد، لما فيه من جمع أجرهما جميعاً، إلا إذا صرفتْه الصلاةُ أو شغَلتْه عما قَصَد إليه من الحراسة، أو كان العدو في غير جهة القبلة.

وأما دليل فضل الحراسة في سبيل الله: فما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (عَيْنان لا تمسُّهما النار: عينٌ بَكَتْ من خشية الله، وعينٌ باتَتْ تحرُس في سبيل الله).

وأما دليل مشروعية الصلاة حال الحراسة: 

فما رواه سَهْلُ بن الحنظليَّة رضي الله عنه أنهم سافروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حُنَيْن فأطْنَبوا ـ أطالوا وبالغوا ـ في السَّيْر، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يحرُسُنا الليلة؟ فقال: أنس بن أبي مِزْيَد الغَنَوي رضي الله عنه: أنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب فركِب فرساً له، ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسْتقبلْ هذا الشِّعْبَ حتى تكون في أعلاه، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هل أحْسَسْتُم فارسَكم؟ قال رجلٌ: ما أحسَسْناه، فنودي بالصلاة، فلما قُضِيت جاء الفارس، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل نزلتَ الليلة ؟ قال: لا، إلا مُصَلِّياً أو قاضياً لحاجة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أَوْجَبْتَ فلا عليك ألا تعمل بعد هذا.

وروى جابر رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات الرِّقَاع، فنـزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منـزِلاً فقال: من رجلٌ يكلؤُنا ليلتنا هذه؟ فانتدَب رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار، فقالا: نحن يا رسول الله، قال: فكونوا بفم الشِّعْب، فقال الأنصاري للمُهاجري: أيُّ الليل أحبُّ إليك أن أكفيَك: أوَّلَه أو آخرَه؟ قال: اِكْفِني أوَّلَه، فاضْجَع المُهاجري فنام، وقام الأنصاري يصلي، فأتاه رجل من العدو فرماه بسهم فأصابه، فنـزعه الأنصاري من جسمه وثبَتَ قائماً، حتى إذا رماه الرجل بثلاثة سهام، أيقظ الأنصاريُّ صاحبَه، فهرب الرجل، فقال المُهاجري وقد رأى ما بالأنصاري من الدماء: سبحان الله، ألا أيقظتني! قال الأنصاري: كنتُ في سورة أقرؤها فلم أحب أن أقطعها...

حراس رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ـ ذكروا: أنه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حَرَسٌ من أصحابه، يقومون بحراسته في أثناء إقامته، وفي أثناء سفره وجهاده في سبيل الله، كما حصل له في بدر، وأُحُد، والخندق، وفي أثناء رجوعه صلى الله عليه وسلم من خيْبر، وفي وداي القرى، وفي عمرة القضاء، وفي حُنين... إلخ.

وذكروا: أن حراسة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحمايتهم له كانت فرضاً عليهم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يومئذ سلطانَهم وفِئَتَهم التي ينْحازون إليها، ولم يكن لهم فئة غيره، فوجب عليهم أن لا ينصرفوا عنه ولا يخذلوه ولا يُسْلِموه، بل يسعَوْن في تأمينه وحمايته من أن يصيبه مكروه، وذلك مراعاة لحقه صلى الله عليه وسلم عليهم ومكانته عندهم، وينطبق هذا أيضاً على سلطان المسلمين؛ أخذاً بالحذر والاحتراس من العدو.

وقد تتبع بعض العلماء أسماء حَرَس النبي صلى الله عليه وسلم فكان من هؤلاء:

أبو بكر، وأبو أيوب الأنصاري، وذَكْوان بن عبد القيْس، والأَدْرَع الأسْلمي، وابنه مِحْجَن، وعَبَّاد بن بِشر، وأبو رَيْحانة، وأنس بن أبي مَرْثَد وآخرون...رضي الله عنهم.

وكان من حَرَسه صلى الله عليه وسلم بالمدينة:

قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنه الذي كان يقوم على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، كأنه بمنـزلة صاحب الشُّرَط من الأمير.

ومنهم: الأَدْرَع الأسْلمي رضي الله عنه. وخَشْـرَم بن حُبَاب الأنصاري رضي الله عنه. وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، الذي حَرَس النبي صلى الله عليه وسلم ليلةً من ليالي مقدمه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بعد أن سَهِر.

أما أبو بكر رضي الله عنه فكانت له مواقف فريدة في حراسة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن ذلك ما جرى في أثناء الهجرة إلى المدينة، حيث كان يمشي ساعةً أمامَه بين يديه، وساعة خلفه، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: أخشى عليك الرَّصَد ـ أيْ: الراصدون المتربِّصون ـ.

ومن مواقفه رضي الله عنه في حراسة النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً: أنه لما وصلا غار ثور ليلاً أثناء الهجرة، دخل أبو بكر رضي الله عنه قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلمس الغار لينظر أفيه سبُع أو حيَّة؟ يريد بذلك أن يَقِيَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بنفسه.

وأما في يوم بدر فقام أبو بكر رضي الله عنه في عريش رسول الله شاهراً سيفه فوق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا يهوي إليه أحد إلا أهوى إليه..

وذكروا: أنه كان مع أبي بكر رضي الله عنه يوم بدر آخرون من الصحابة، منهم: سعد بن معاذ رضي الله عنه، فقد قام متوشِّحاً سيفه يحرس النبي صلى الله عليه وسلم حين نام في العريش.

وكان من حَرَسِه صلى الله عليه وسلم يوم بدر أيضاً: أبو قتادة الحارث بن رِبْعِي رضي الله عنه ، فقد حرس رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ليلة بدر، فدعا له وقال: (اللهم احفظ أبا قتادة كما حفظ نبيك هذه الليلة)

وجاء في بعض الروايات: أن جُلَّ حَرَس النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر كانـوا من الأنصار، قاموا يحرسونه يخافون عليه كَرَّة العدو.

أما في غزوة أُحُد فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم عدد من الحراس، منهم: محمد بن مسلمة الأنصاري رضي الله عنه ، والحارث بن الصِّمَّة رضي الله عنه ، الذي كان يحمل حَرْبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسير بها بين يديه أثناء القتال، فلما دنا أُبَيُّ بن خَلَف من النبي صلى الله عليه وسلم يريد قتله، تناول النبيُّ صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث، فاستقبل بها أُبيَّ بنَ خلف، فطعنه بها في عنقه طعنة تمايل من شِدَّتها.

وأما في غزوة الخندق فكان النبي صلى الله عليه وسلم يختلف إلى ثُلْمَة ـ ثُغْرَة ـ في الخندق، فجاءه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: ما الذي جاء بك؟ قال: جئت أحرسك، قال: عليك هذه الثُّلْمَة فاحرسها، ونام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى غطَّ في نومه، ثم قام فصلى.

وروي أيضاً أن الزبير بن العوام رضي الله عنه كان ممن حَرَس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق.

وممن حَرَسه أيضاً ولازمه في الخندق: عبَّاد بن بِشْر رضي الله عنه، فقد كان مُقَنَّعاً في الحديد حين جاءه عُيَيْنةُ بن حصن والحارثُ بن عوف في عشرة من قومهما، يتفاوضون في رجوعهم عن المدينة مقابل إعطائهم ثلث ثمارها.

وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حراس أيضاً في سائر غزواته، يسعون في تأمين شخصه وحمايته من المخاطر، ومن ذلك: أن عباد بن بشر كان يحرسه في غزوة حمراء الأسد مع طائفة من أصحابه، فدعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما المغيرة بن شعبة رضي الله عنه فقام يوم الحديبية على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرسه وقت مفاوضته مع رسل قريش، وكان معه عباد بن بشر وسَلَمة بن أسلم رضي الله عنهما، يقفان مُقنَّعان في الحديد، ولما رفع سُهيل بن عمرو صوته على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالا: اِخفضْ صوتك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وأما أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه فقد حرس النبي صلى الله عليه وسلم ليلة إعراسه بصفية عقب خيبر، فقام مُتوشِّحاً سيفه يطوف بالقُّبَّة يحرس رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح.

وأما عُمَر رضي الله عنه فقد حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة حين قام يصلي في الحِجْر يوم عمرة القضاء، فقام بالسيف على رأسه حتى صلى صلى الله عليه وسلم.

وأما أنس ابن أبي مَرْثد الغَنَوي رضي الله عنه فحرَس النبيَّ صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين.

وفي غزوة تبوك التي أقام فيها النبي صلى الله عليه وسلم عشرين يوماً، استعمل على حرسه عبَّاد بن بشر رضي الله عنه .

اللهم صل وسلم على سيدنا رسول الله وارض عن جميع أصحابه

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين