سنن الابتلاء والتغيير والتدافع : بين الفاعلين ، فيها .. والمنفعلين ، بها !

(1) سنن الابتلاء :

قال ، تعالى : ( الذي خلقَ الموتَ والحياةَ ليبلوَكم أيّكم أحسنُ عملاً وهو العزيزُ الغفور).

وقال ، عزّ وجلّ : (ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع ونقصٍ من الِأموال والأنفس والثمرات وبشّر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبةٌ قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون *أولئك عليهم صلواتٌ من ربّهم ورحمةٌ وأولئك هم المهتدون) .

سنن الابتلاء : الفاعل فيها ، هو الله ، وحده , واستجاباتُ البشر، فيها ، تختلف ، من شخص إلى أخر، ومن جماعة إلى أخرى ، ومن شعب إلى آخر ، ومن أمّة إلى أُخرى !

ففي ابتلاء الله ، للناس ، بالموت والحياة :

بعض الناس ، يسلك طريق الخير والصلاح ، وبعضهم ، يسلك طريق الشرّ والفساد !

وفي ابتلاء الله ، للناس ، بالخوف والجوع ، ونقص الأموال والأنفس والثمرات:

بعض الناس يَجزعون ، وبعضهم يتمرّدون ، على قدر الله .. وبعضهم ينقلبون على أعقابهم؛ كفراً بالله ، واعتراضاً على أقداره ! وهؤلاء ، ينالون جزاء تمرّدهم وعصيانهم ، عقوباتٍ ، ينزلها الله بهم ، في الدنيا ، أو الآخرة ، أوفيهما ، معاً ، حسب مشيئته ، سبحانه ، وحسب أحوال كلّ منهم !

وبعض الناس يصبرون ، ويقولون : (إنّا لله وإنّا إليه راجعون) ! وهؤلاء ، يقول عنهم ربّهم، عزّ وجلّ : (أولئك عليهم صلواتٌ من ربّهم ورحمةٌ وأولئك هم المهتدون).

(2) سنن التغيير:

يقول ، عزّ وجلّ : (إنّ الله لا يغيّر مابقوم حتّى يغيّروا ما بأنفُسهِم).

ويقول ، سبحانه : ( ذلك بأنّ الله لمْ يكُ مغيّراً نعمةً أنعمَها على قوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم وأنّ الله سميعً عليم ).

فالناس ، هنا ، فاعلون ، في صناعة الأسباب ، المؤدّية ، إلى تغيير النعم ! كما أنهم ، في الآية السابقة ، فاعلون ، في صناعة الأسباب ، المؤدّية ، إلى التغيير، بشكل عامّ، نحو الخير، أو نحو المصائب ، التي تقع ، على رؤوسهم !

(3) سنن التدافع :

قال ، تعالى : ( ولولا دفعُ الله الناسَ بعضَهم ببعض لفَسدت الأرضُ ولكنّ الله ذو فضل على العالمين).

وقال ، جلّ شأنه :(الذين أُخرجوا من ديارهم بغير حقّ إلاّ أن يقولوا ربّنا الله ولولا دفعُ الله الناسَ بعضَهم ببعض لهُدّمت صوامعُ وبيَعٌ وصلواتٌ ومساجدُ يُذكر فيها اسمُ الله كثيراً وليَنصرنّ الله مَن يَنصرُه إنّ الله لقويٌّ عزيز) .

فالفاعل ، هنا ، هو الله ، الذي يجري أقداره ، على عباده ، بأيدي عباده ، الذين هم أدوات له، في صناعة أقداره ، يَدفع بعضَهم ، ببعض ، كيلا تَفسد الأرضُ ، في الآية الأولى .. وكيلا تُهدّم دور العبادة ، في الآية الثانية !

ولله الأمرُ من قبلُ ومن بَعدُ !

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين