الهجرة وحاضر المسلمين (8- 15)

بطلان نظرية نضوب الموارد الطبيعية

ثم إن قوله تعالى :[يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ] {العنكبوت:56}. وما ضارَعها من الآيات ، ينبثق منها معنى آخر، فهي تفيد بإطلاقها بطلان نظرية نضوب الموارد الطبيعية، التي تَزْخَر بها الأرض.

الجشع الناجم من حضارة الغرب المهينة

إذ قد طَنْطَنَ بهذه المقولة الجشعون من الغربيين، الذي تتشَّغب لديهم مقتنياتهم أن تتزحزح عن أماكنها، ثم ما قد سلبوه من خيرات الشعوب، والمسلمين منهم بخاصة، الذين يشكلون معظم هؤلاء الذين تُسُلِّبَ منهم؛ حتى تركوهم على الضنك والقلة.

ودعوة تحديد النسل:

ويتذرعون مَكراً بدعوتهم إلى تحديد النسل ، تحت عنوان تنظيم الأسرة، وقد ذكرت هذا في موضعه من غير هذا الكتاب،... على أنَّ المجتمعات الغربية لا تعرف من تنظيم الأسرة ،إلا التفكك المستشري عند الكثير منهم، كما هو مشاهد عياناً في ديارهم.

أين هم من تنظيم الأسرة؟!.

غير أن تنظيم الأسرة لا يكون بتحديد النسل! لكن بالالتزام بهدي الإسلام الذي أعطى كل فرد من أفرادها حقه ،وألزمه حدوده ماله وما عليه.

إلا أنهم يركبون رؤوسهم، في كل محفل، لدعوة المسلمين إلى تحديد النسل ، خوفاً من تكاثرهم، وهو المقصد الأهم عندهم.

ويأبى الله إلا أن يرد كيدهم في نحرهم، فهم يقلّون ـ كما تثبت ذلك إحصائياتهم ـ والمسلمون يكثرون، مصداقاً للحديث الشريف: ( تناكحوا تكثروا ، فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة)(1).

الأرض ثَرَّة غنيَّة:

ثم إن الأرض على العكس مما يُرَوِّج له هؤلاء ؛ إذ هي تُدِرُّ على الضارب في أباطحها السعة، التي يجد فيها مبتغاه، كما قال تعالى : [إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ] [العنكبوت: ٥٦]. فلا ينضب ما فيها، بل هو دائم العطاء؛ مهما ازدادت الحاجة إليه، ثم قد وجدت هذا المعنى قد نقله الألوسي عن مطرف بن الشخير ، حيث قال : ( إن الآية عِدةٌ منه تعالى بسعة الرزق في جميع الأرض )(2).

ليست ناجِزة في توقعاته:

وكلما تقدَّم الإنسان في قنوات البحث والتنقيب، تفتَّحت له موارد ثَرَّة ، ربما ليست ناجزة في توقعاته؛ وما زال ما يقارب ثلاثة أرباع مساحة الأرض ـ أعني البحار ـ بكراً لم يثمر بالمعنى الصادق للكلمة، إلا في مستويات يسيرة.

الحلقة السابعة هنا

***

(1) رواه عبد الرزاق في الجامع . انظر: الجامع الصغير للسيوطي. 

(2) روح المعاني: ج21،ص9.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين