بين صناعتين

من مظاهر عظمة الإسلام هو شموليته لنواحي الحياة كافة، ومن مظاهر عظمته أيضا أنه خصَّ كل ناحية بأحكام خاصة بها تتكامل مع غيرها ضمن منظومة الأحكام الشاملة، ومن ذلك أحكام التربية والصلاح وأحكام الإدارة والسياسة .

بين صناعة الصلاح وصناعة السياسة فروق كثيرة أبرزها: 

1_ تعتمد صناعة الصلاح على الأدوات الناعمة من توعية وتثقيف وإعلام ومعايشة.

بينما تعتمد صناعة السياسة على الأدوات الناعمة والصلبة مثل القوة والمال والتحالفات.

2_ تعتمد صناعة الصلاح على قبول المتلقين وتفاعلهم فهي لا تراعي التنوع دائما.

بينما تعتمد صناعة السياسة على مراعاة التنوع وتلبية الحاجات ورعاية المصالح للجميع.

3_ تعتمد صناعة الصلاح نشر منظومة المثل والقيم. بينما تعتمد صناعة السياسة على توفير المصالح وفق إطار هذه المثل والقيم.

4_ تهدف صناعة الصلاح إلى بناء ساسة صالحين بينما تهدف صناعة السياسة إلى حماية الصلاح وتوفير أجوائه ومقومات نجاحه.

5_ تعتمد صناعة الصلاح على الرموز المجتمعية والدينية.

بينما تعتمد صناعة السياسة على الرموز التخصصية والخبرات القيادية.

6_ تعتمد صناعة الصلاح على منظومة معقدة من مخاطبة العقل والقلب وتهذيب الغرائز.

بينما تعتمد صناعة السياسة على منظومة معقدة من تحقيق المصالح والتحالفات الداخلية وإدارة الأزمات. 

7_ تعتمد صناعة الصلاح على الانتقاء في الخطاب والمستهدف.

بينما تعتمد صناعة السياسة على شمولية الخطاب والمستهدف.

8_ تعتمد صناعة الصلاح على خطاب تحقيق التغيير الذاتي والمجتمعي. 

بينما تعتمد صناعة السياسة على تحقيق المصالح الذاتية والمجتمعية.

9_ نجاح صناعة الصلاح مرهون بمقدار تحريك الناس نحو المثل والقيم. بينما نجاح صناعة السياسة مرهون بمقدار توفير أجواء تحقيق المصالح للناس.

10_ قواعد الشريعة ومبادؤها وأهدافها العامة تحكم الصناعتين الصلاح والسياسة، فبناء الفرد والأسرة والمجتمع والدولة هو هدف الصناعتين في شريعتنا لكنها تفرق بينهما من حيث المسؤولية والكفاءة، فمن يصلح للصلاح قد لا يصلح للسياسة والعكس وكلما اتسعت دائرة المخاطبين وكبر أثر العمل كان أكبر من حيث المسؤولية والمحاسبة.

وثمرة التفريق بين الصناعتين:

هو البيان أنَّ اصلهما واحد فالشريعة تريد صلاحا يحكم السياسة، وسياسة تدعو وتحمي الصلاح والإصلاح فهي بعضها من بعض لكن التفريق يقع في: 

الأهداف

المجال

القدرات

السياسات

الامكانات

الوسائل

الخطاب

المستهدف

فالصناعتان واحدة من حيث المبادئ الشرعية الحاكمة لكنها مختلفة من حيث التخصص والأداء،

ومعرفة هذه الفروق تحقق التكامل الناجح بينهما.

الخلاصة :

إن صناعة التربية والصلاح والإصلاح للمجتمعات تختلف عن صناعة إدارتها وقيادتها وسياستها مع أن كليهما ضمن منظومة الشريعة الشاملة.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين