من آداب الاتصال الهاتفي (3)

الحديث بالهاتف في السيارة

وللحديث بالهاتف في السيارة آداباً كذلك، منها ما يتعلق بحديث السائق، ومنها ما يتعلق بحديث من معه.

وأول هذه الآداب:الالتزام بالتعليمات الحكومية التي تمنع السائق من حمل هاتفه والحديث من خلاله، وهذه التعليمات قد وُضِعت لما تبين من

أضرار جسيمة لاستعمال جهاز الهاتف أثناء القيادة، وبعد أن أظهرت الإحصائيات ارتفاعاً شديداً في عدد الحوادث التي تقع من جرّائه، فمخالفة التعليمات الحكومية تدخل فيما نهى الله عنه بقوله في سورة البقرة: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}.

وإذ بينَّا هذا الحكم الشرعي، نود أن نشير إلى أن كثيراً من الناس يتساهلون في الالتزام بالتعليمات الحكومية التي تتعلق بالمصلحة العامة مثل أنظمة المرور والعمران ومكافحة الأوبئة والعدوى وأمراض الإنسان والحيوان والزرع، وهذا التساهل والتغافل محرّمٌ شرعا لما يترتب عليه من الضرر الذي نهى الشرع عنه نهياً شديداً، وكل مخالفة من هذا القبيل إنما هي تعدٍّ على أرواح الناس وممتلكاتهم، وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك قادحاً في تمام الإيمان، في الحديث الذي أورده البخاري عن أبي شريح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والله لا يؤمن! والله لا يؤمن! والله لا يؤمن"! قيل: ومن يا رسول الله؟ قال: "الذي لا يأمن جارهُ بوائقَه".

ونعود إلى آداب الحديث الهاتفي أثناء قيادة السيارة، فنقول: إن أول آدابه أن

تبين للمتصل بك أنك في السيارة وأن معك فلاناً وفلاناً، وذلك ليكون على بيّنة فلا يتحدث معك بما لا يريد إطلاع أحد عليه من شؤونه الخاصة أو أمور لعلها تتعلق ببعض من معك، وعليك أن تبادر إلى إخباره قبل أن يسألك: أمعك أحد؟ فذلك أفضل من سؤاله وإجابتك له ثم تحفَّظه معك في الحديث، مما يوقعه ويوقعك ومن معك في الحرج، وبخاصة إن كان المتصل من أهل بيتك كالزوجة والأم ونحوهما وتحدّث ببعض الخصوصيات التي لا تحب أن يطلع عليها من معك.

ومن آداب الحديث الهاتفي في السيارة: أن تراعي مقدار الضجيج أثناء مسيرها وأثره على وضوح المحادثة، ولا بأس في هذه الحالة من أن تقف جانباً وتنهي حديثك، أو تعتذر عن الاستمرار وتعد المتصل أنك ستتصل به في أقرب فرصة ممكنة.

ومن آدابه كذلك: ألا تجيب، ومعك صحبة في السيارة، على من بينك وبينه خصومة أو شجار، فإن سماع الآخرين لما يدور بينكما يزيد في فرص تفشي أخباره، وقد يبدر من أحدكما بحق الآخر كلامٌ في حالة الغضب يزيد في تعميق الخصومة ويعيق الصلح لكونه بَدَرَ في حضور الآخرين وشهودهم.

وإذا كنت تريد الاتصال بشخص وتبين لك أنه في سيارته، وكانت محادثتك تتضمن معلومات أو أرقاماً ينبغي عليه تسجيلها، فينبغي عليك مراعاة أنه لا يستطيع الكتابة وهو يقود سيارته، وفي هذه الحالة فإن الأفضل والأحوط إرسال رسالة له بعد الانتهاء تتضمن هذه المعلومات، وعلى السائق ألا يحاول كتابة أية أمور وهو يقود سيارته، بل عليه أن يتوقف ويكتب ما يريد، أو يطلب من الطرف الآخر إرسال رسالة بهذه المعلومات. 

ويندرج تحت هذا ألا يحاول السائق قراءة الرسائل الواردة على هاتفه أو كتابته هو للرسائل أثناء قيادة السيارة، لما في ذلك من الخطر الجسيم على السائق ومن معه وعلى بقية الناس من مشاة وركاب في السيارات الأخرى.

الحلقة الثانية هـــنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين