ما يعين على الرضا بأحكام رب العالمين ، وقضائه في خلقه معرفة أن الدنيا دار ابتلاء واختبار، وليست دار جزاء ومثوبة .
ومن ثَمّ فالبلايا والمحن والمصائب لوازم لتلك الحياة ،
والتكليف بما يخالف هوى الإنسان ومألوفه لازم آخر .
وأنت إذا استقدمت عاملا لينجز لك بعض أعمالك، ووعدته إن هو أتمه على ما تحب بالأجر الجزيل ، والثواب الجميل =
كان تكليفه بالعمل من الإنعام عليه؛ لأنه يؤدي به إلى أن يحوز الأجر الموعود به .
وابتلاءه بأن تتركه وتراقبه من بعيد لتنظر هل أتمه أو لا من حقك أيضا .
وزيادة الأجر بزيادة الإحسان والإتقان من حقك كذلك بل يدل على فضلك وكرمك .
ومعاقبته إن هو قصر في عمله أو التفت إلى غيرك يعمل عنده من تمام العدل كذلك.
وهذا المثال التقريبي في أمور الدنيا -أكرر التقريبي - قس عليه أمور الآخرة
فتضييق الرزق ، والابتلاء بنقص الأموال والأنفس والثمرات هو إنعام بذلك المعنى المتقدم ؛
لأنه يؤدي إلى رفع درجة العبد ، وعلو منزلته، وتكفير سيئته .
وليس من الحكمة للعامل أن يلبس ثياب الفراغ في وقت العمل
كذلك السائر إلى الله لا ينبغي أن يطلب الأجر وقت العمل ، ووقت عمله حياته .
وكما أن الكريم الأمين المليء يعطي العامل قبل أن يجف عرقه =
كذلك الكريم البر الجواد الرحيم سبحانه يعطي السائرين إليه بمجرد موتهم ، ثم إذا بعثوا وتكاملت أرواحهم وأبدانهم فلا تسل عن الأجر وقدره فذلك ما لا تحيط به العبارة .
ومن الحكمة أيضا أن العامل إذا أثيب في وقت العمل ربما شغله الثواب عن العمل ففتر عزمه ، وضعف سيره ،وذهبت قوته .
على أنه ربما لاح فجر الأجر قبل النهايه ، وظهر للعامل شيء منه
بسرور النفس ، وانشراح الصدر
واستجابة الدعاء
والرؤى التى يكشف له فيها بعض ما غاب عنه ؛
ليكون حثا له على مواصلة العمل ، والشوق لكمال الأجر .
والعبرة بالخواتيم
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول