الحوار والإقناع أصلان قام عليهما الإسلام

استعرض فضيلة الداعية الشيخ محمد ياسر عرنوس خطيب وإمام جامع نور الدين زنكي في معيذر الجنوبي عددا من مواقف سيدنا إبرهيم عليه السلام كما في القرآن العظيم، منها موقف دعوة والده إلى الهداية وترك الوثنية واسلوبه الباهر في الحوار حيث اتخذ الوسائل التالية:

- الخطاب المتكرر ( يأبت ) ولم يقل ( يا أبي ) حيث الصيغة الأولى عند العرب صيغة توقير وصيغة تودد.

- الوسيلة الثانية: إثارة التساؤل بدلا من الأمر (يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً ) حيث أثار في ذهنه التساؤل بشواهد العقل بدلا من الجهل، وكذلك كل مؤمن بأمر عليه أن يتساءل عن سبب إيمانه بذلك وهذا المبدأ هو أصل عند المسلمين لأن المسلم لا يخشى من هذا السؤال فعنده الحجة والدليل على وحدانية الإله وربوبيته وعظمته وهيمنته، وأما غيرهم فلا دليل عنده على صحة اعتقادهم بالمطلق.

- الوسيلة الثالثة: غرس الثقة وإثارتها فكيف تدعو إنساناً وتحاوره وهو لا يثق بأنك على عقل وعلم فقال له ( ياأبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطاً سوياً) أي اسمع مني لما عندي من العلم فإذا وجدته علماً صحيحاً فاتبعني في هذه الهداية في عبادة الله وحده.

- الوسيلة الرابعة: إظهار الإشفاق من أن يحل بالمدعو مكروه ( يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان ولياً )، فنسب الخوف إليه بدلاً أن يقول له ( خف أنت من الله ) ذكاء في الخطاب وروعة واستمالة لقلب المدعو، وكذلك تأدب مع الله أنه لم يجزم أنه تعالى سيعذبه، وثم في اختيار اسم الرحمن سبب بلاغي عظيم الأثر حيث من شأنه تعالى الرحمة الذي كتبها لعباده المؤمنين، وأن من يخسر يوم القيامة يكون بسبب من نفسه هو وبسبب عناده، أما الله تعالى فقد فتح لعباده الجنة فقال عنها ( مفتحة لهم الأبواب ) لكن الكافرين هم الذين أعرضوا عن ضيافة الرحمن.

- الوسيلة الخامسة : التذكير بعداوة الشيطان ( يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان ولياً)، لم تجد هذه الأساليب كلها مع من انغلق قلبه عن الحوار ونظر باحتقار لمن يحاوره ولكن ليس عنده من حجة فلم يلجأ إلا إلى التهديد كعادة كل طاغية عن سماع الحق ( قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبرهيم لئن لم تنته لأرجمنك ( أي لأسبنك وأشتمك) واهجرني ملياً) فقال له إبرهيم ( سلام عليك ) وهل ينتظر من المسلم إلا السلام, إلا إذا قام الآخر بمحاربته فيضطر لدفع العدوان.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين