مئوية الحرب الأهلية الأوروبية

في الوقت الذي تتزعم فيه فرنسا الاحتفال بمئوية نهاية ما يسمونه ( الحرب العالمية الأولى ) .

نطرح سؤالاً : لماذا سمّوها الحرب العالمية .؟!!

ألم تكن تلك الحرب أوروبية المنشأ والجغرافيا والغرض .؟!

الحرب نشأت من خلاف أوروبي بين إمبراطورية النمسا وجيرانها ثم توسعت في الجوار الأوروبي لأغراض تنافسية استعمارية بحتة .

فلماذا سمّوا حربهم الأهلية الأولى والثانية حربًا عالمية .؟

هل لأنهم ضموا لها بعض الحلفاء مثل روسيا والإمبراطورية العثمانية واليابان ...؟

هل لأنهم نقلوا جزءًا من مسرح عملياتهم خارج أوروبا مثل العلمين في مصر .؟

هل لأنهم اختطفوا رجالاً من مستعمراتهم (الدول المحتلة) وجنّدوهم وقوداً للحرب .؟

في الوقت الذي تستضيف فيه فرنسا أكثر من 60 رئيس دولة لافتتاح "منتدى باريس للسلام" يوم 11/11/2018 لإحياء الذكرى المئوية للحرب الأهلية الأوروبية الأولى نستحضر قول المفكر الفرنسي "روجيه جارودي" في كتابه "كيف نصنع المستقبل" : 

(نمط النمو الغربي يكلف العالم الثالث ما يعادل موتى هيروشيما كل يومين . فلنكرر ذلك لأنه ينبغي أن يكون نقطة الانطلاق لكل فكر سياسي ).

ونضيف لنقاط انطلاق الفكر السياسي ؛ أن "هتلر" هو منتج أوروبي حصري ، وبوادر ظهور نسخة جديدة منه عادت للحضور بقوة في شخصية "ترامب" .

وثقافة أوروبا الاستعلائية والعدوانية التي أنتجت منتجها الحصري في حربين كبيرتين أكلتا عشرات الملايين من البشر ، هي ذاتها المنتجة الأولى للحروب على كوكب الأرض ، فمن يحتكر صناعة السلاح وتجارته هو من يحدد مكان الحرب وبدايتها ونهايتها .

ومن منتجات الغرب الحصرية : إبادة السكان الأصليين ، ومحاكم التفتيش الكاثوليكية . 

باختصار : أوروبا تطبق فلسفة "نيتشة" .. وهي تلبس قناعا بوجه "المسيح" .

تقيم منتدى للسلام .. وهي تسعِّر الحروب .

نعود ونسأل : لماذا حوّلوا واقع (الحرب الأهلية الأوروبية) إلى اسم (حرب عالمية) .؟

هناك قاعدة يعرفها المجرمون المحترفون تقول : إن الجريمة الكبيرة تصبح صغيرة إذا توزعت على أكبر قدر من المجرمين .

فمثلاً : كان بمقدور الولايات المتحدة أن تقوم بمفردها بتدمير العراق ولكنها فضَّلَت حبك الجريمة وَفق تلك الفلسفة الإجرامية ، وكونت ما سمته التحالف الدولي ، وصارت التحالفات الدولية من أجل تنفيذ جريمة سنة دولية مضطردة .!

إذًا لماذا يسمونها (حرب أوروبية) ويتحملون وحدهم جريمة ارتكبوها .. فلتكن إذاً : (حرب عالمية) .!!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين