كيف أعالج إهمالها

جاءني يستشيرني في نزاعاته الكثيرة مع زوجته التي يتهمها بالإهمال والفوضى واللامبالاة

قلت له: كيف حاولت أن تعالج ماتشتكيه فيها من إهمال ؟

قال: بالتنبيه والزجر والتقريع

قلت: وهل استجابت لك؟

قال: للأسف لا،لم تستجب لي، بل زاد إهمالها

قلت: ألم يجعلك هذا تبحث عن أسلوب آخر لصرفها عن إهمالها؟

قال: لهذا جئت إليك لترشدني إلى الأسلوب الذي يجعلها تهتم بي وببيتها

قلت: بارك الله فيك، وليت الأزواج جميعًا مثلك يستشيرون

قال: ماذا أفعل لأصرفها عن إهمالها؟

قلت: لابد أولًا من الاستعانة بالله

قال: كيف أستعين به سبحانه؟

قلت: بالدعاء؛ تتوجه به إلى الله أن يُصلح لك زوجتك

قال: الله يصلح لي زوجتي؟!

قلت: أمَا قرأتَ قوله سبحانه "وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَه"

قال: هذه الآية نزلت في زوجة زكريا عليه السلام، وكانت عقيمًا فأصلحها الله بأن جعلها ولودًا.

قلت: نعم، وقال بعض المفسرين: كانت سيئة الخُلُق فأصلحها الله له بأن رزقها حُسن الخُلُق، لأن كل ذلك من معاني إصلاحه تعالى إياها، ولم يُخصِّص الله جل ثناؤه بذلك بعضًا دون بعض في كتابه، ولا على لسان رسوله، ولا وَضَع على خصوص ذلك دلالة، فهو على العموم ما لم يأتِ ما يجب التسليم له بأن ذلك مُرادٌ به بعضٌ دون بعض.

قال: سأدعو الله أن يُصلح لي زوجتي ويُبعد عنها إهمالها ولامبالاتها.. وماذا عليّ أن أفعل أيضًا؟

قلت: تتجنب أسلوب الزجر والتقريع.

قال: كيف أنهاها إذن؟

قلت: بالموعظة الحسنة.

قال: وكيف تكون الموعظة الحسنة؟

قلت: تكون بالرفق واللين.

قال: ماذا أقول مثلًا؟

قلت: حين تجد الفوضى قل لها: هل تسمحين لي بمساعدتك في إعادة هذه الأشياء إلى أماكنها؟ وبادر فورًا بالقيام بذلك.

قال: هل ينفع هذا معها؟

قلت: نعم، ستقوم هي فورًا بإزالة الفوضى وترتيب الأشياء وإعادتها إلى أماكنها، وعلى الأرجح فإنها ستطلب منك أن تستريح لتقوم هي وحدها بذلك

قال: هل سيجعلها هذا تتخلى عن إهمالها؟

قلت: نعم إن شاء الله، ولابأس من أن تكرر أنت هذه المبادرة إن وجدتَها عادت إلى إهمالها، وبعون الله لن تحتاج إلى تكرار ذلك سوى مرة أو مرتين.

قال: وهل هناك ما يمكن أن أفعله أيضًا غير ذلك؟

قلت: تتغافل بعض الأحيان عمّا تراه من تقصير أو إهمال

قال: ولكن هذا التغافل قد يجعلها تتمادى في إهمالها

قلت: لذلك قلتُ (بعض الأحيان) وليس دائمًا، لأن التدقيق المستمر والمتابعة المتواصلة يُرهقان الزوجة ومن ثم تعاند ولاتستجيب لنصح زوجها

قال: ألا يُظهرني هذا التغافل ضعيفًا أمامها؟

قلت: لا، بل يُظهرك كريمًا.. سمحاً.. مُقدِّرًا، قال الشاعر:

تغافل في الأمور ولا تُكثِرْ

تقصِّيها فالاستقصاء فُرقة

وسامح في حقوقكَ بعضَ شيءٍ

فما استوفى كريمٌ قطُّ حقَّه

وقال سفيان الثوري: مازال التغافل من فعل الكرام

وقال الحسن البصْري: مااستقصى كريمٌ قطّ

قال: التغافل كرم إذن وليس غباءً أو ضعفًا

قلت: أجل، لأن التغافل هو: قصد الغفلة وليس غفلة وخاصة حين تُدرك زوجتك أنك رأيت تقصيرها ولاحظت إهمالها، لكنك تجاوزت عنه ولم تُحاسبها عليه.

قال: هذا حَسَن جميل.

قلت: أحسن الله إليك وجَمَّل الله حالك

قال: هل من وصية أخيرة؟

قلت: هذا كله يشمله أمره تعالى للرجال بمعاشرة نسائهم بالمعروف: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ".

قال: صدق الله العظيم.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين