السرقة المُشَرعَنة!

العاملون في المؤسسات الدينية والدعوية والخيرية في محَكٍّ خطير ومحل اختبار وامتحان يزداد صعوبة!

وبين النجاح والفشل والفلاح والخسران فيها شعْرةٌ؛ بحيث قد يكون الواحد منهم شيطانًا في آنٍ وملاكًا في آنٍ آخر.

ومن أهم أسباب هذا الخطر الذي يطال هذه المؤسسات أمران:

- الأول: القدرة على إيجاد مبررات شرعية وحِيَل فقهية لما قد يقع فيه هذا المسئول أو ذاك الموظف من مال أو حق عام.

- الثاني: وجود ثقة عمياء بينهم - في الغالب - والفهم الخاطئ للمساءلة والمراقبة؛ بحيث يفهمها البعض على أنها تدل على القدح في الشخص المراقَب وعدم وجود ثقة فيه.

فكم من شخص كث اللحية مدرار العين كثير الصلاة كثير الوعظ ملتزم بالشعائر حد المبالغة

ومع هذا طالما مد يده للمال العام بحجة أو أخرى، وربما صار ثريا بما ينال من مكافآت ونِسَب وما إلى ذلك وقد تكون كل تلك البنود يترتب عليها أكل أموال اليتامى والفقراء ظلما وعدوانا، غير أنه - كما سبق - لا يخلو شيء من ذلك من وجود مبررات وحجج واهية تستند إلى فتاوى معينة في ظروف معينة حاولوا استغلالها وإسقاطها في غير ما محلها، وربما وجد الواحد منهم في نفسه حرجا شرعيا غير أن الدنيا حلوة خضرة والإنسان لحب الخير شديد، 

والعجيب في كل ذلك أن الكثير من هؤلاء تطاوعه نفسه أن يظهر أمام العوام محبا للخير وساعيا له بكل اجتهاد، وهم لا يعلمون من تلك الملابسات وتلك الحاجات التي في نفسه قضاها!

ولو علموا لكان لهم شأن آخر،، بل ولو علم أهل الأموال والخير بمثل هذه الحالات لما وثقوا إلا بالقليل من الناس،

وأخيرا

حتى لا يعتبر البعض مثل هذا الطرح فتحا لباب التشكيك في الناس،

أقول: كما توجد هذه النماذج السيئة فإنه أيضا توجد نماذج رائعة وصادقة باعت نفسها في سبيل الله ونفع الآخرين، وربما أخرج من ماله الخاص خوفا من الوقوع في الشبهة،!

ولكن مثل هذا الطرح فقط للدعوة إلى التمييز في التعامل مع الناس بين تدينه والتزامه الشخصي وبين ما يتعلق بحقوق الناس؛ فعلينا دائما أن نثق ونحسن الظن فيما يتعلق بعلاقة الشخص بربه ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، ولكن في المقابل إذا تعلق الأمر بحقوق الناس والأعمال الخيرية والمؤسسية ألا نفرق بين أحد من المسلمين كائنا من كان، وأن نجعل الأصل في تعاملنا هو المساءلة والمراقبة، وأن نسد الباب أمام كل من يحاول التنفُّع غير المبرر والمشروع من أموال الفقراء والمساكين، 

فالله المستعان، والله المستعان، والله المستعان.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين