الكذبُ الشخصيّ .. والكذبُ السياسيّ !

 

 

الكثيرون ، ممّن يعملون في السياسة ، اليوم ، وربّما في عصور متعاقبة .. لهم نوعان من الأخلاق : الأخلاق الفردية ، والأخلاق العامّة !

أمّا الفردية : فالمقصود بها ، الأخلاق المرتبطة بالشخص ، ذاته ، من حيث هو فرد ، له صفات معيّنة : كالصدق والأمانة ، والنزاهة والعفّة ، واللطف والدماثة ، وحسن العشرة ، وغير ذلك، من الصفات ، التي يحتاجها الفرد، في مجتمعه ، ويحتاجها المجتمع، من أفراده؛ والتي لونقص بعضها ، أو ضعف ، فإن هذا النقص ، أو الضعف ، ينعكس ، سلباً ، على الفرد في مجتمعه ، وعلى نظرة الناس إليه ! فيوصف ، مثلاً ، بأنه : كذّاب ، أو خائن ، أو غشّاش ، أو مخادع ، أو سفيه ، أوعديم الوفاء ! وهذا ، كلّه ، كما هو معلوم ، ممّا يثلم مروءة الشخص ، وينقص من قدره ، بين الناس ، بصفته فرداً !

وأمّا الأخلاق العامّة - ويمكن تسميتها : الأخلاق السياسية ، مادام الحديث ينصبّ على الأخلاق ، في الإطار السياسي - فنعني بها ، تلك الأخلاق ، التي يحتاجها الفرد ، بصفته: صانعَ قرار سياسي ، أو رأي سياسي ، أو اتّجاه سياسي .. أوصاحب طموحات سياسية .. أومنافساً ، في حلبة صراع سياسي ، على مستوى الحزب ، أوالدولة .. أو على مستوى الصراع ، بين الدول ! ويمكن ، أن نصف هذه الأخلاق ، بأنها : الأخلاق ، التي تهدف ، إلى تحقيق مصلحة عامّة : ( لحزب .. لدولة .. لحلف سياسي .. لتوجّه ما ، داخل حزب ما..!). وهذا النوع من الأخلاق ، قد يختلف ، قليلاً ، أوكثيراً ، عن النوع السابق ! وقد يجد ، في حدود معيّنة ، بعض المسوّغات ، لدى الفرد ، نفسه ، ولدى بعض الشرائح : الاجتماعية والسياسية ، في المجتمع ، الذي يعيش فيه الفرد ، وربّما في بعض المجتمعات الأخرى ، التي يتعامل معها ، بصفته : سياسياً !

فمن يكذب ، لتحقيق مصلحة سياسية ، لدولته ، أو حزبه داخل الدولة..لا ينظر إليه الناس، نظرتهم ، إلى من يكذب ، لتحقيق مصلحة شخصية ، لنفسه ! وربّما نظر بعض الناس ، إلى (كذّاب المصلحة العامّة!) ، بشيء من الإعجاب والتقدير، بصفته رجلَ دولة ناجحاً، أو بطلاً: وطنياً ، أو قومياً .. إذا حقّق لحزبه ، أو دولته ، مصلحة ضخمة ، من خلال الخداع ، والمناورة ، والكذب: على الأعداء ، والخصوم ، والمنافسين ! أمّا الكذّاب العاديّ ، كذّاب المصلحة الشخصية ، فقلّما يحظى باحترام أحد ؛ بل ، قلّما يَسلم ، من احتقار أحد ، ممّن يعرفونه !

ولا بدّ ، من التذكير، بأنّا ، هنا ، في مقام الوصف ، لما هو موجود .. ولسنا في مقام الرفض أو القبول ، فلهذا وذاك ، شأن آخر!

وسبحان القائل: قلْ كلٌّ يَعملُ على شاكلتِه فربّكَ أعلمُ بمَن هوَأهدَى سَبيلاً .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين