الرحلة إلى بلاد الشام

 

بقلم الأستاذ: عبد العزيز عرب

 
لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم  اثنتي عشرة سنة ارتحل به عمه أبو طالب تاجراً إلى بلاد الشام ،حتى إذا وصل إلى بصرى ( من بلاد الشام كانت تحت حكم الرومان ) في بصرى راهب عرف باسم بحيرا فلما نزل الركب خرج إليهم ،وأكرمهم بالضيافة وكان لا يخرج إليهم من قبل .
وأبصر بحيرا رسول الله صلى الله عليه وسلم  فجعل يتأمله ويكلمه ويتحقق من خاتم النبوة  ، ثم التفت إلى أبي طالب وقال له :ما هذا الغلام منك ؟
فقال له :ابني (وكان أبو طالب يدعوه بابنه لشدة حبه له وشفقته عليه ) .
فقال بحيرا :ما هو بابنك وما ينبغي أن يكون أبو هذا الغلام حياً !!
فقال : هو ابن أخي .
قال :ما فعل أبوه ؟
قال :مات وأمه حبلى به .
قال بحيرا :صدقت ،فارجع به إلى بلده واحذر عليه اليهود ،فو الله لئن رأوه ليبلغنَّه شراً ،فإنه كائن لابن أخيك شأن عظيم .
فأسرع به أبو طالب عائداً إلى مكة .                                   فقه السيرة للدكتور البوطي 8.
تأملات :
1-صفات رسول الله r في التوراة والإنجيل :
قال الله تعالى { وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6) } الصف .
عن جابر بن سمرة رضي الله عنه  قال :رأيت خاتماً في ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم  كأنه بيضة حمام  .       
 مسلم  - كتاب الفضائل - باب إثبات خاتم النبوة  . 
موضع الخاتم :بين كتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم  .
حجمه :مثل بيضة الحمامة شاخص .
لونه :مثل لون جسده صلى الله عليه وسلم  .
عن أبي هريرة رضي الله عنه  أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم : كان يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة . السنن الكبرى للبيهقي  - جماع أبواب ما خص به رسول الله صلى الله عليه وسلم -  باب ما حرم عليه وتنزه عنه من الصدقة .
وتعلم هذه الخصال سلمان الفارسي رضي الله عنه  من قسيس عمورية عندما قال له :يبعث من أرض العرب نبي على ملة إبراهيم هذا زمانه إن استطعت أن تلحق به فافعل له علامات لا تخفى :يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة وبين كتفيه خاتم النبوة ، وتحقق سلمان من هذه الصفات وأعلن إسلامه وكان من خيرة الصحابة رضي الله عنه .     راجع قصة إسلامه من كتاب صور من حياة الصحابة للدكتور عبد الرحمن رأفت باشا F.
2- اليهود والنصارى بوجهين :
1)ً الوجه المشرق :هو وجه كل نصراني أو يهودي عرف الحق فآمن به ،أمثال :بحيرا ،ورقة بن نوفل...
2)ً الوجه المعتم :هو وجه كل نصراني أو يهودي عرف الحق فأنكره . وهؤلاء كثر بدءاً من الذين حرفوا التوراة والإنجيل فأخفوا صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم  ووصولاً إلى الكنيسة التي أخفت الأناجيل التي تحمل الحقيقة عن أنظار المؤمنين من أتباعها مثل { إنجيل برنابا و إنجيل توما } ولم تكتف بذلك بل حكمت عليها أنها مزروة واعترفت بالأناجيل الأربعة التي تحمل أفكارها .
قال الأب بومار :نأسف على اختفاء كمٍّ ضخم من الكتب التي اعتبرتها الكنيسة مزورة فقد كان لها أهمية تاريخية ،هذه الكتب كانت موجودة في المكتبات حتى نهاية القرن الرابع .
 دراسة الكتب المقدسة(موريس بوكاى) @.
واستمر هذا الوجه المعتم إلى عصرنا هذا حيث تعمدت الكنيسة في البلاد الغربية في إبقاء الجهل بين أتباعهم عن الإسلام حتى أنهم كانوا يسمونه (الدين المحمدي) أو (المحمديون) ليوحوا لأتباعهم أنَّ هذا الدين غير سماوي إنما هو جهاد رجل وأنَّ الله بريء من هذا الدين .
وشعر الفاتيكان بالحرج أمام الحقائق التاريخية والعلمية التي جاء بها القرآن الكريم وأثبتها العلم الحديث ،فانقعد مجمع الفاتيكان عام 1965 واعترف بالإسلام ديناً سماوياً ثم تبع ذلك لقاءات بين الأساقفة وعلماء مصر وعلماء السعودية للتقارب بين الهيئة البابوية والإسلام . دراسة الكتب المقدسة - موريس بوكاى .
ويستمر الوجه المعتم عندما اعتبر الغرب أنَّ الإسلام دين إرهاب وذلك من خلال تسريحات القادة الأمريكان و الأوربيين .
كما ظهر هذا الوجه المعتم جلياً في الهجمات السافرة بالرسومات المسيئة للرسول الكريم في صحف بعض الدول الأوربية.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين