ظاهرة الاستهزاء برمضان - جحود حق رمضان
ظَاهِرَةُ الاسْتِهْزَاءِ بِرَمَضَان
 
          تتزايد - سَنةً بعد سنةً - "ظاهرة" الاستهزاء برمضان وتتَّسع حتى بات المراقبون يخشون من تحوُّلها إلى "حالة" مألوفة مقبولة في الرأي العام.
          ولعل من أبسط أَبْجَدِيّات "التعايش": عدم استغلال مُقدَّسات الآخرين بشكل مُشوَّه مُحرَّف بغَرَض تحصيل الربح المادّيّ وربما للإهانة والأذى النفسي. وتتعدَّد أشكال هذه الظاهرة مثل: الخيام "الرمضانية"، وحفلات الطرب الأصيل وغير الأصيل - والمشروبات "الروحية" مفتوحة فيها أحياناً -، والرقص الشرقي والغربي... كل ذلك "بمناسبة شهر رمضان المبارك" والسَّحور مؤمَّن بأسعار تشجيعية، ومسابقات "رمضانية" على الإذاعات مضمونُ أسئلتِها مُخِلَّة بالقيم والآداب من المنظور الإسلامي، وجوائزُها أحياناً من الويسكي والخمور، وفوازير "رمضان" ومسلسلات "رمضانية"... وهَلُمَّ جَرّاً من الأمور التي لا تَمُتُّ إلى أدبيات رمضان بِصِلَةٍ من قريب أو بعيد، بل على العكس من ذلك فهي تصادمها.
          وربما ستتعجب أيها القارئ إذا عرفتَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف هذا الاستغلال الخسيس ممن سمَّاهم "المنافقين والفَجَرة" بتخطيط وإعداد مسبَق، لِغَفلة بعض ضعاف المسلمين في هذا الشهر المبارك. وإليك نص الحديث:
          عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَظَلَّكم شهرُكم هذا بِمَحْلُوفِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم [هذا يمينٌ مثل: واللهِ] ما مَرَّ بالمسلمين شهرٌ قَطُّ خير لهم منه، وما مرّ بالمنافقين شهر قط أشر لهم منه، بمحلوف رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله لَيَكتب أَجْرَه ونَوافلَه، ويكتب إِصْرَه وشَقاءَه مِن قَبْل أن يُدخله، وذاك لأن المؤمن يُعِدّ فيه القوة من النفقة للعبادة، ويُعِد فيه المنافق ابتغاء غفلات المؤمنين وعوراتهم، فهو غُنْم للمؤمن يَغتنمه الفاجِر». رواه ابن خزيمة وأحمد.
          ولا بد أنك تنبهت إلى كلمة "يُعِدّ" الواردة في الحديث وهي تفيد أهمية التخطيط والاستعداد المسبق لتحصيل أكبر قدر ممكن من "أَجْرِ ونوافلِ" رمضان. ومن أشكال ذلك الإعداد: كتابة لائحة بالأهداف التي ترغب بتحقيقها في رمضان هذا العام، ولا بد أن تكون الأهداف واضحة دقيقة يمكن تقويمها ومعرفة هل تحقَّقت أم لا؟ وما نسبة النجاح في تحقيقها؟ وأن تكون تقدُّماً بالنسبة لتديُّن وشخصية صاحبها، ولكن دون أن تدخل مجال الخيال الذي لا يطبَّق فيرجع بالإحباط على صاحبه، ومما يساعد على تطبيقها واستدراك التقصير فيها مراجعتها يوميَّاً في رمضان صباحاً أو مساءً.
          ومن أهم الأهداف التي يمكن أن تحققها: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "النصيحة"، ومنها: مواجهة الذين يستهزؤون برمضان بمثل الطرق السابقة، وهو أمر لا يكلفك الكثير - رغم أهميته - فتستطيع أن تتصل هاتفيَّاً بالمؤسسة التي أعلنت عن نشاط أو برنامج فيه إهانة لمشاعر المسلم فتبيِّن له أن فِعْله هذا ورَبْطَه بِاسم رمضان إهانة واستهزاء يجب أن يتوقف، ولو بإزالة اسم رمضان من الدِّعاية والإعلان وكل ما يتعلَّق بتلك البرامج - في الحدِّ الأدنى -. وإذا فعلت هذا ونصحت غيرك من أهل الغَيرة على دينهم بفعله: نرجو أن نصوم هذه السنة بقدر أكبر من الراحة النفسية بعيداً عن السخرية والاستهزاء، وأن نكون قد قمنا بواجبنا )ذلك ومَن يُعَظِّمْ شعائرَ الله فإنها مِن تَقوى القلوب(.
          واحذَرْ أن تمرَّ عليهم وتقعد معهم وكأنّ الأمر لا يَعنيك، فقد قال الله سبحانه: )وقد نَزَّل عليكم في الكتاب أَنْ إذا  سمعتم آياتِ اللهِ يُكفَر بها ويُستَهزَأُ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديثٍ غيرِه إنكم إذاً مِثْلهُم. إنّ الله جامِعُ المنافقين والكافرين في جهنَّم جميعاً( [النساء:140]. أيُّها المسلم! رمضان شهر الإصلاح، فكن من المُصْلحين.
المنتدى للتعريف بالإسلام والحوار بين الثقافات ـ جمعية الإتحاد الإسلامي بيروت ـ

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين