من النص الى الواقع أولاً

 

إن مقصد نزول الوحي هو بناء الانسان والمجتمع اولا ثم معالجة المشكلات التي تعترضه في الطريق ثانيا.

فما يريده منا الوحي هو أن ننطلق منه الى بناء الواقع أصالة ثم معالجة الواقع به تبعا.

إن مشكلات الواقع تحتم علينا منهجية الرجوع الى النص لايجاد الحل فيه لكن ذلك ليس هو الأصل. 

إنما الأصل هو منهجية الانطلاق من النص الى الواقع في عملية البناء والاصلاح فهو يقوم بمهمة البناء ثم يقوم بمهمة الحماية ومعالجة المشكلات.

ان الاسلام لا يستدعى عند المشكلات والازمات فحسب بل الاصل انه يستدعى في عملية البناء والاعمار للحياة والا فهو دين مركون على الرف يرجع اليه عند الحاجة وليس هو الروح والمنهج والهواء الذي نتنفسه في كل وقت وحين.

من أكبر المشكلات المنهجية التي نقع فيها هو الاعتماد الكلي او الجزئي على منهجية البحث عن الحلول الفكرية والفقهية للنوازل والحوادث عند وقوعها من الوحي قرآنا وسنة حيث يجعلنا هذا في دائرة رد الفعل الدائم والمستجيب للطوارئ.

أو استدعاء النص لتبرير الواقع وشرعنة الرغبات عند أصحاب الهوى.

ان المنهجية المثمرة هي منهجية استيعاب الوحي ودلالاته وكيفيات تنزيله على الواقع لقيادته نحو الخير والسعادة وتحقيق المصالح وفق مبدأ التدرج

وكل معالجات النوازل والحوادث ستكون (محطات في الطريق لا نهاية الطريق)

فليس صحيحا أن نطبق منهجية محاربة المنكر السياسي والمظالم السلطوية دون او قبل منهجية التوعية فكرا وعملا بقيم العدل والحرية والشورى والانتماء والمرجعية الإسلامية في الحكم. 

وليس صحيحا ان نتجه لحل مشكلة ترك الصلاة عند الطفل بمنهجية العقوبة بالضرب دون او قبل منهجية تعريفه بالله وأمره بالصلاة لمدة ثلاث سنين كما ورد في الحديث.

وليس صحيحا اعتماد منهجية المعالجات للانحرافات الاخلاقية دون او قبل منهجية الأصل وهي نشر الاخلاق وبيان منظومة الاسلام في نشر القيم والفضيلة مثل منهجية محاربة الزنا قبل منهجية تسهيل الزواج. 

وليس صحيحا اعتماد معالجة الفقر وفق منهجية دفع الزكاة والصبر على الفقر دون او قبل منهجية بيان نظرية الاسلام في التمكين الاقتصادي للمسلم وان الاصل ان يكون غنيا لا فقيرا. 

ونعني بالاولويات هنا هو من حيث الواجب والأهمية والدعوة وليست اولويات زمانية ومرحلية منفصلة (فالبناء والحماية يكون بالتوازي وفي وقت واحد لكن وفق هذه الاولوية وترتيب الأهمية).

انها منهجية الأوامر قبل النواهي والواجبات قبل المحرمات وافعل قبل لا تفعل. 

فالاوامر والواجبات وافعل هي منهجية البناء وهي الأعم الأغلب في الدين.

والنواهي والمحرمات ولا تفعل منهجية الحماية وهي الاقل في الدين.

وبشارة الله للطائعين بالجنة ليست اقل من نذارة الله للعاصين بالنار.

"إنا ارسلناك بالحق بشيرا ونذيرا"

قدم البشارة على النذارة.

انها منهجية البناء بالوحي قبل الحماية به.

فالاهتمام بالسور الحامي دون وجود بناء شامخ جهل بالاولويات والمنهجيات الشرعية المفترضة أن تكون.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين