حول «رواه البخاري»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. وبعد.

سأل سائل: «هل يقول الرسولُ صلى الله عليه وسلم ما يتعارضُ مع العقل أو ينافي العلم أو حتى الحقائق ....حتى لو رواه البخاري». انتهى بحروفه.

والجواب:ما دام رواه البخاريُّ، فهو أحد أمرين:

- لا يتعارض مع العقل ولا ينافي العلم ولا الحقائق، فعلينا إعادةُ النظر في توهُّمنا للتعارض مع العقل، وادّعائنا للتنافي مع العلم والحقائق.

أو هو يتعارضُ مع ما نظُـنُّ أنه عقلٌ وعلمٌ وحقائق وهو ليس كذلك، فعلينا إعادةُ النظر فيما نظنُّ ـ أو نتوهّم ـ أنه عقلٌ وعلمٌ وحقائق.

اعتراض: هذا تقديسٌ للبخاري وادّعاءٌ للعصمة له.

دفعُهُ:

يصحُّ هذا الاعتراضُ لو كان «رواه البخاري» عملاً فرديّاً منعزلاً، ولكن «رواه البخاري» عملٌ اتفق أئمةُ أهل السنة والجماعة على صحّـته؛ بعد عرضِه على التدقيق الشديد، والفحص الوثيق، وأجابوا على إشكالاتٍ رآها بعضُ أهل العلم لمدة إبّان ظهور «رواه البخاري»، وتبيّن أن تلك الإشكالات:

- غير مؤثرة في صحة الرواية في بعض الأحيان، وأنها ـ من الأصل ـ إشكالاتٌ حول عدم كون هذه الرواية ـ أو تلك ـ بالغةً الدرجة العليا من الصحة، لا أنها خارجة عن الصحة.

- أو هي إشكالات المُستشكل فيها هو المخطئ أصلاً.

- أو هي ـ في حالات نادرة ـ إشكالاتٌ للمستشكل فيها وجهٌ من الصواب، ولكن يبقى إشكالُ المستشكل اجتهاداً منها، وصنيعُ البخاريّ اجتهاداً منه، والاجتهاد لا يُنقَـضُ بالاجتهاد، ولا يحكم ببطلانه، فيجوز تقليدُ أيٍّ من المجتَهدين عند اختلافهم؛ على أنّ الأمةَ بوّأتِ البخاريَّ منزلةً وإمامةً لم تُبوّئ غيرَهُ مثلَها، وقدَّمته في معرفته في علوم الحديث تقديماً لا يُماثلُه فيه أحَدٌ قبله ولا بعدَه؛ كائناً من كان.

فاعلَمْ أيها السائل، وتبصَّرْ أيُّها المعترض.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين