الحياد : بين الحقّ والباطل .. وبين الخطأ والصواب !

بحضور الإعلامي والأديب والفنّان ، سأل الحاكمُ مُفتيه :

كيف تقف ، على الحياد ، بين الحقّ والباطل، وبين الخطأ والصواب !؟

فأجاب فضيلة المفتي : عن أيّ حق وباطل ، تسأل ، ياسيّدي .. وعن أيّ خطأ وصواب !؟

قال الحاكم : أليس سؤالي واضحاً !؟

قال المفتي : بل هو شديد الغموض ، ياسيّدي، لا بذاته ، بل بفهمي أنا، العبد الفقير إلى الله !

قال الحاكم : أوضِحْ !

قال المفتي : حَسبَ فهمي ، ياسيّدي ، أنّ الحقّ ، في الأمور الاجتهادية ، هو ماترى العقول السليمة ، أنه الصواب ! فالخطأ ، لايمكن أن يكون حقّاً ! ومادام الصواب ، هو الحقّ الذي يجب اتّباعُه ؛ فالمعوّلُ - في معرفته- على العقول ، التي تدرس ، وتفكّر، وتحلّل ! 

ومعلومٌ أنّ بلادنا ، ليس فيها عقل ، كعقل سيادتك : يحسن التحليل ، والدراسة ، والتفكير! فالصواب هو ماترونه ، أنتم ، حصراً ، وبلا جدال ! ويُبنى عليه الحقّ ، الذي لا مرية فيه ؛ لأن الحقّ هو الصواب ، والباطل هو الخطأ ! وما نحسب عاقلاً ، يجعل الخطأ حقّاً ، والصواب باطلاً! لهذا ، كلّه ، لانرى أنّ ثمّة حياداً ، ياسيّدي ؛ لأن الحياد مُحالٌ ، هنا ! فما دمت ، أنت ، صاحب الرأي ، فهو صواب ، حُكماً ، وما يخالفه ، هو خطأ ، حُكماً !

همس الحاكم ، في أذن مفتيه ، باسماً : جهّز نفسك ، لتعطي درساً ، لإبليس ، وتلاميذه النجباء ؛ لعلهم يتعلّمون فنون الوسوسة الصحيحة ، التي لاتتعب الناس ، بالجدل والمماحكة! ثمّ رفع صوته ، قائلاً:

لكن ، هل أنت متأكّد ، أنّ كلامك هذا ، ليس فيه نفاق !؟

قال المفتي : بل كلامي ، هو البِرُّ ، ذاته ، والتقوى ، عينها ، ياسيدي ؛ لأني أطبّق مضمون الآية الكريمة : ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسولَ وأولي الأمر منكم ) ! فهل عندنا صاحب أمر، سواك ، ياسيّدي !؟

التفت الحاكم ، إلى إعلاميّه وأديبه وفنّانه ، قائلاً: سمعتم ماقال فضيلة المفتي، وتعلمون أنه لا يُفتي مِن عنده ؛ بل يرجع ، إلى النصوص الشرعية ، وأقوال الفقهاء الكبار، من أبناء الأمّة! لذا ؛ على كلّ منكم ، أن يؤدّي مهمّته : الإعلامية ، أو الأدبية ، أو الفنّية ، على ضوء هذا الفهم العميق ، لنصوص الشرع الحنيف ، وإدراكه لواقع الحياة !

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين