حقيقة التوفيق في اختيار شريك الحياة

لن أتحدث هنا عن الخطوط العريضة أو الحمراء المتفق عليها كالدين أو الأخلاق العامة من أصلها، ولكني سألفت النظر إلى بعض التفاصيل والجزئيَّات التي يكمن التوفيق فيها، وتختبئ السعادة بين جنباتها.

قد يظنُّ الكثير أن وجود امرأة تتَّحد صفاتها وطباعها مع صفات الرجل وطباعه هو عين التوفيق والحظ،

في حين أني أتَّجه إلى كون التكامل هو أساس الحياة الزوجية وسِرُّ سعادة الزوجين، وإيَّاك أن تتوهم أنّ معنى السعادة محصور في حصول ما تشتهيه كما تريد، أو في تحقيق رغبتك الآنيّة التي قد تنتج عن اتفاقكما - كزوجين - في طبع معيَّن أو خُلُقٍ ما؛ 

فمعنى السعادة أوسع من ذلك وأرحب!

هَبْ أنك مطبوع على الكسل والتسويف، لا شك أن راحتك الآنية تقتضي وجود كسولٍ ومسوّف مثلك، لكن أنَّى للسعادة أن تتحقق بكما وبالتالي لكما، وقد تمالأْتُما على ترك الواجبات وتأخير الإنجاز؟!

ولتفرضْ أنك ابتليت بالإسراف وشراء كل ما أتَتْ عليه عينُك دون تعقُّل، وصادف ذلك أن كان شريك حياتك بذات الصفة، كيف سيكون مصير المال وترشيده في حياتكما؟

ولك أن تقيس على هذين المثالين سائر الطباع والصفات، من روحيٍّ إلى اجتماعي إلى فكري إلى غير ذلك؛ لتجد التكامل هو الأساس.

فتخلُص في الأخير إلى أن عينَ التوفيق وحسن الحظ في اختيار الزوجة أو الزوج أن ينظر الله إلى مكامن الضعف فيك فيرزقك مَن يقوِّي ضعفك فيها، وينظر إلى مكامن الضعف في زوجك فيعطيك من القوة فيها بالمقدار الذي يقوي ضعفَها،

بحيث تكونان أشبه بكائن واحد متكامل متناسق قوي، يستطيع تحقيق شيء في هذه الحياة،

وينطبق فيكما المثل العربي: (وافقَ شَنٌّ طبَقَه).

ولا شك أن مثل هذا التوفيق بيد الله، ولذلك تجد من البسطاء الذين لا يعلمون من علوم الاجتماع والدنيا شيئا، وقد وفقهم الله أيما توفيق، ورزقهم في هذا المجال ما لم يرزق الكثيرين من الحريصين المتعلمين الذين ظلوا يبحثون ويبحثون،

وما ذلك إلا للطف الله بمن اتصل به وتوفيقه لمن توكل عليه.

ولا يعني ذلك عدم الدعوة إلى تعلم العلم النافع والتسلح بالوعي والثقافة التي من شأنها أن تعين المسلم على اختيار من يعينه على أمر دينه ودنياه،

اللهم ارزق كل عازب الزوجة الصالحة، وأصلح ذات بين المتزوجين، وهب لنا جميعا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين