اخلع هاتفك

دخل عمرو المسجد بحذائه، وصار يدوس به السجاد فتنطبع فوقه آثار التراب الذي علق بأسفل حذائه.

تأذى المصلون من تصرف عمرو، وتوجَّهت أنظارهم المستنكرة إليه، ثم قام أحدهم وأوقفه حتى لا يواصل مشيه إلى الصف الأول، وطلب منه أن يخلع حذاءه ويحمله بيده إلى حيث يخلع المصلون أحذيتهم.

صرخ في عمرو مصل آخر قائلاً: كيف تدخل بحذائك وتدوس به سجاد المسجد؟ ألا ترى ماذا فعلت؟

رد عمرو: سامحوني.. لقد نسيت أن أخلع حذائي!

صاح فيه أحد المصلين: هل ينسى أحد خلع حذائه؟

صاح آخر: ما بال هؤلاء جميعاً لم ينسوا خلع أحذيتهم؟!

سأل ثالث متعجباً: هل تدخل المسجد للمرة الأولى؟

رد عمرو: أنا أصلي في المسجد من عشرين سنة؟

سأله ثانية: وطوال هذه السنوات العشرين أما كنت تخلع حذاءك؟

رد عمرو: بلى!

سأله: لم إذن لم تخلعه اليوم؟

قال عمرو: قلت لكم: نسيت!

ما رأيكم يا إخوتي: هل يمكن أن يحدث مثل هذا في أي مسجد من مساجد العالم؟

ستجيبون: طوال حياتنا لم نجد أحداً يدخل المسجد بحذائه!

وأقول لكم: وأنا مثلكم لم أجد طوال حياتي رجلاً دخل المسجد بحذائه.

كلنا جميعاً اليوم نجد مئات المصلين يدخلون المساجد دون أن يخلعوا هواتفهم! أو على الأقل: دون أن يخلعوا عنها حالة التشغيل.

وما زال ملايين المصلين في مختلف أنحاء العالم يتأذون من أصوات هواتف مصلين نسوا إيقاف هواتفهم عن التشغيل قبل دخولهم المسجد،وأخفقت كل محاولات التنبيه والتحذير والاستنكار في جعل جميع المصلين لا ينسون إطفاء هواتفهم قبل دخولهم المساجد!

ماذا نفعل إذن؟

أقترح أن يربط المصلي بين خلع حذائه وخلع هاتفه! أن يتذكر وهو يخلع حذاءه أن هناك شيئاً آخر يحتاج إلى الخلع: هاتفه النقال!

هل يمكن أن يدخل أحد إلى المسجد وقد خلع حذاء قدم دون أن يخلع حذاء القدم الأخرى؟!! هل يمكن أن يبرر فعله بقوله: لقد نسيت!! سنقول له: كيف لم تنسَ خلع حذاء القدم الأخرى؟!

هكذا نرجو من كل مسلم وهو يخلع حذاءه أن يتذكر: هناك ما يجب علي أن أخلعه أيضاً: هاتفي! أخلع عنه الطاقة!

وإذا لم يتحقق هذا الربط بين خلع الحذاء وخلع تشغيل الهاتف فليبادر إلى لصق عبارة داخل حذائه تقول: اخلع هاتفك أيضاً…

وبعد أيام، أو أسابيع، سيتحقق هذا الربط بين خلع الحذاء وخلع الهاتف.. حتى وإن ضاعت الورقة الملصقة على الحذاء.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين