التفسير الباطل لمعنى قطع يد السارق

كان أعداء الأمة يحاربون أحكام الشريعة محاربة علنية ، والآن اختلفت الأساليب فسخروا من عملائهم من يقوم بتحريف أحكامها من خلال تفسيرات شاذة ياسم القراءة المعاصرة ليتوافق ذلك مع الفكر الغربي والقوانين الوضعية الغربية .

ومن ذلك ما ينشره أصحاب التوجه الحداثي التنويري الظلامي في تفسير الآية الكريمة : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ ? وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) أن المقصود بقطع اليد لا يعني بترها ولا فصل جزء منها ، وإنما يعني في رأيهم كف يد السارق عن السرقة ! أو قطع اليد عن المجتمع لمنع السرقة ومعناها السجن .

والعجيب أن عقوبة السارق بقطع اليد تكاد معطلة وغير مطبقة في غالب الدول الإسلامية ، ومع ذلك يحاولون تحريفها .

وهذه التفاسير الباطلة فيها تدليس وشذوذ من قبل بعض الحداثيين أصحاب التوجه الغربي ، ومن تبعهم ممن يسمون أنفسهم ظلماً بهتانا ( قرآنيون ) والقرآن منهم براء ، بل هم صحفيون مارقون من الدين : لأنهم يريدون فهم القرآن بناء على فكرهم المنحرف : البعيد عن اللغة العربية والبعيد عن هدي السنة النبوية .

والأدلة على بطلان هذه التفسير المنحرف :

1- اللغة العربية :

هذه الشبهة السمجة من أن القطع في اللغة قد لا يراد به البتر، وذلك كقطع الرحم، او كما يقال عند إلقاء الشاعر قصيدته " اقطعوا لسانه" أي كافئوه .

جوابه أن يقال: حقيقة القطع هي الفصل والإبانة، وهذا ظاهر في الأشياء المحسوسة كما في الآية الكريمة .

وأما الأمور المعنوية كصلة الرحم، فيكون فيها الفصل معنويا أيضا.

قال ابن فارس في "معجم مقاييس اللغة" (5/101): " قَطَعَ: الْقَافُ وَالطَّاءُ وَالْعَيْنُ : أَصْلٌ صَحِيحٌ وَاحِدٌ، يَدُلُّ عَلَى صَرْمٍ وَإِبَانَةِ شَيْءٍ مِنْ شَيْءٍ، يُقَالُ: قَطَعْتُ الشَّيْءَ أَقْطَعُهُ قَطْعًا. وَالْقَطِيعَةُ: الْهِجْرَانُ. يُقَالُ: تَقَاطَعَ الرَّجُلَانِ، إِذَا تَصَارَمَا " انتهى.

وقال ابن سيدة في "المحكم والمحيط الأعظم" (1/159): " القَطْع: إبانة بعض أَجزَاء الجرم من بعض فصلا. قطَعَه يقْطعُه قَطْعا، وقَطيعة، وقُطوعا" ، ومثله في لسان العرب (8/ 276).

2- سياق الآية : وإذا أخذنا بقول من قال إن القطع الوارد في الآية يعني كف يد السارق عن السرقة بتوفير عمل شريف له فماذا نفعل بقوله تعالى: ( جزاء بما كسبا نكالا من الله ) ؟ وهل جزاء من يسرق هو توفير عمل له ، وهل في توفير العمل نكال ؟ إن سياق الآية كله يتحدث عن عقوبة قاسية رادعة فيها تنكيل بالسارق .

3- التفسير الصريح والتطبيق العملي لهذه الآية الكريمة من قبل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة بعده وهكذا جميع العلماء المحققين وفحول علماء اللغة الراسخين 

أ- روى أحمد وأبو داود والنسائي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَتِ امْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةٌ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِ يَدِهَا، فَقَطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهَا. 

ب- وروى البخاري ومسلم عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا»

ج- وروى الترمذي وأبو داود عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ، قَالَ: سَأَلْتُ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ عَنْ تَعْلِيقِ اليَدِ فِي عُنُقِ السَّارِقِ أَمِنَ السُّنَّةِ هُوَ؟ قَالَ: «أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَارِقٍ فَقُطِعَتْ يَدُهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا، فَعُلِّقَتْ فِي عُنُقِهِ» وحسنه الترمذي

4- إجماع الصحابة على ذلك واتفاق جميع العلماء على ذلك في كل عصر على أن القطع هو البتر .

قال العلامة ابن قدامة رحمه الله في كتابه "المغني " : 

( لا خلاف بين أهل العلم في أن السارق أول ما يقطع منه، يده اليمنى، من مفصل الكف، وهو الكوع )

ونقل الإجماع على هذا كذلك الإمام ابن المنذر رحمه الله في كتابه "الإجماع" ، باب أحكام السُّرَّاق (127) 

وكذلك الفقيه ابن القطان في كتابه 

"الإقناع في مسائل الإجماع"، أبواب الإجماع في الحد في السرقة (2/259)

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين