لكل حالة ، في الشام : أمثالُ عرقوب ، وبطل المتنبّي ، وحَذام !

الكذّابون ، أصحابُ الوعودالخُلّبية ، أمثالُ عرقوب ، في الشام ، كُثر: ديمستورا ، ممثّل الأمم المتّحدة ، أوّلهم ، وليس آخرَهم ، بل يضاف إليه ، عدد من ساسة أمريكا وأوروبّا ، وكثيرٌ من ساسة العرب والعجم ، وكثير من المحسوبين ، على الثورة السورية : الساسة والعسكر !

وعرقوب : هو رجل ، كان يعيش ، في المدينة المنوّرة ، قبل الإسلام ، ولديه نخل كثير.. وزاره أخوه ، فوعده بثمَرنخلة ! وحين أثمرت ، استنجزه أخوه ، الوعدَ ، فطلب منه الصبر، حتى ينضج ثمرها ! وحين نضج الثمر، عدا عليها ، فجنى ثمرها ، وأخلف وعده ، مع أخيه؛ فصار مضرب أمثال ، في الوعود الكاذبة !

قال كعب بن زهير : صارت مَواعيد عُرقوبٍ ، لها، مثَلاً = وما مَواعيدُها ، إلاّ الأباطيلُ !

وبطل المتنبّي ، هو النموذج ، وهو الذي قال فيه ، وفي أمثاله :

الرّأيُ قَبلَ شَجاعةِ الشّجْعانِ = هوَ أوّلٌ، وهي المَحلّ الثانيْ

فإذا هما اجتمعا ، لنفسٍ حُرّةٍ = بَلغتْ ، من العلياء ، كلّ مكانِ

ولرُبّما طعنَ الفتى ، أقرانَه = بالرأي ، قبلَ تَطاعُن الأقرانِ

لولاالعقولُ ، لكان أدنَى ضَيغَمٍ = أدنَى ، إلى شَرَفٍ ، من الإنسان !

وأمثالُ هذا البطل ، النموذج ، موجودون ، في العالم ، عامّة ، وفي الشام ، خاصّة ، ولكنهم أقلّ ، من أمثال عرقوب ، بكثير !

أمّا أمثالُ حَذامِ ، ومثيلاتُها، فأقلّ من القليل ، في العالم ، عامّة، وفي الشام ، خاصة ؛ بل، هم النُدرة ، التي يحتاجها كلّ شعب، في العالم!

وقصّتها ، هي ، كالتالي :

إنّها امرأة ، لرجل ، يسمّى : لُجيمَ بن صَعب ، بن عليّ ، بن بكر، بن وائل .. وكانت صادقة، شديدة الذكاء ، ترى الرأي ، فلا تخطئ ، وتظنّ ، فيأتي الأمرُ، كما توقّعتْ .. فكان زوجُها يثق بصدقها ، وقوّة إدراكها !

ويُحكى : أن عاطسَ بن الجُلاح الحِميَريّ ، سارَ، إلى قومها ، في جموع ، فاقتتلوا ، ثمّ رجع الحميَريّ ، إلى معسكره ، وهرب قومها ، فساروا ليلتهم ، ويومهم ، إلى الغد ، ونزلوا الليلةَ الثانية ! فلمّا أصبح الحميريّ ، ورأى جلاءهم ، اتّبعهم ، فتنبّه القطا ، من وقع حوافر دوابّهم، فمرّت أسرابُه ، على قوم حَذام ، قِطعاً قِطعاً ، فخرجت حذام ، إلى قومها ، فقالت :

ألا ياقومَنا ، ارتحِلوا ، وسيروا = فلوْ تُركَ القَطا ، ليلاً ، لَناما !

فقال زوجها :

إذا قالتْ حَذامِ ، فصدِّقوها = فإنّ القولَ ما قالتْ حَذامِ !

فارتحلوا، حتّى اعتصموا بالجبل ، فيئس ، منهم ، أصحابُ عاطس الحميريّ ، فرجعوا !

وهكذا نجا قومُها ، بسبب ذكائها وفطنتها !

لقد عَرف قومُها ، قوّة العدوّ، وعدم قدرتهم ، على مجابهته .. ولديهم مندوحة ، من حربه، ومن الاستسلام له ، وقد نبّهتهم ، هي ، إلى خطر زحفه ، من رؤية حركة الطيور!

أمّا أمثالها ، في الشام ، فقد عَرفوا قوّة عدوّهم ، المحتلّ بلادهم ، باسم الحكم الوطني .. وعرفوا بطشه وفساده وظلمه ، عبر سنين طويلة ، وعرفوا عدم قدرتهم ، على محاربته، بجيش كجيش الوطن ، الذي يسخّره ، لحرب شعبه ..كما عرفوا ، أن تَرك البلاد ، له ، يعيث فيها فساداً ، هو أشدّ، من الفساد المتوقّع ، من مجابهته ؛ فاختاروا الأسلوب الأمثل ، بين أسلوبَيْ الفرار والاستسلام ؛ وهوحرب العصابات ، التي تزلزل العدوّ، دون أن تمكّنه ، من قهر الثوّار! وقد كان ، من هؤلاء ، رجال ، في بداية الثمانينات ، من القرن المنصرم .. ومنهم ، اليومَ، رجال آخرون ، يكبّدون العدوّ، كلّ حين ، خسائر جديدة ، في كبار مجرميه ، وآليّاته ، ومعسكراته !

فلله دَرّ حََذام ، وأمثالِها ، من الرجال ، حيث وُجدوا .. ومثيلاتِِها، من النساء ، حيث وُجدن!

ولله درّ القائل : الألمعيّ ، الذي يَظنّ ، بك ، الظنّ ؛ كأنْ قد رأى ، وقد سَمِعا !

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين