ثرثرة العقول

كلنا ينزعج من ثرثرة ألسنتنا أو ألسنة غيرنا لأن في هذه الثرثرة كثيرا من ضياع الوقت واستهلاك الجهد ووقوع في سقطات الكلام فمن كَثُر لغطُه كثُر سَقطُه.

لكننا لا ننتبه إلى ثرثرة من نوع آخر وهي "ثرثرة العقول" التي تظهر على شكل أفكار تطرح كل يوم في كل مكان سواء كانت أفكارنا أو أفكار غيرنا.

هناك شعرة دقيقة بين إبداع العقول وثرثرة العقول!!!.

يتجلى إبداع العقول من أفكار في:

1_ كون الفكرة فيها إضافة للمنتج الفكري وليس متداولة أو مستهلكة.

2_ كون هذه الفكرة قابلة للتطبيق فهي فكرة محلقة في جو السماء لكنها تستطيع العيش في الأرض فتنمو وتتكاثر.

3_ هي فكرة تلبي الحاجة الحالية والمستقبلية للنفس وللمتلقين.

وتتجلى ثرثرة العقول من أفكار في:

1_ التكرار للمستهلك من الأفكار أو التي ثبتت عدم صلاحيتها.

2 _ طرح الأفكار التي لا تعيش إلا في عالم الخيال ولا يمكن تطبيقها في الواقع.

3_ كونها تتحدث عن ماض أو حاضر أو مستقبل لا يعني النفس أو المتلقين.

نجد يوميا عشرات الآلاف من الكتب والمقالات والمحاضرات والمؤتمرات والندوات والبرامج التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي وحتى المقاهي والملتقيات الشعبية تقذف بكمٍّ هائل من الأفكار ويتعدد تصنيف هذه الأفكار فمنها:

الخيالي

والواقعي

والكاذب 

والصادق

والملائم للبيئة

وغير الملائم للبيئة

والشرعي

وغير الشرعي

والنافع

والضار

والمستهلك 

والمكرر

والفاشل

والعميق

والسطحي

...الخ

ولا يظنن ظان ان التمييز بين هذه الأنواع وبين ثرثرة العقول وإبداعها أمر هيّن بل يحتاج لجملة من المقومات من أهمها:

1_ التكوين المعرفي الصحيح.

2_ التجربة الميدانية والخبرة المتراكمة.

3_ السيطرة على الذات في من خلال السيطرة على أحلام اليقظة.

4_ الإحالة للمتخصصين في الافكار التخصصية .

5_ عقل منفتح مستعد لتقبل كل جديد ويأبى أن يقع في فخ الثرثرة المغري.

إن دقائق عمرك غالية فلا تتماهل أن تشتري سلعة أنتجها الفكر المبدع والعقل المتجدد من سوق العقول ولو كانت باهظة الثمن. 

ولا تتردد في العزوف عن سلعة ثبت كسادها في سوق العقول أنتجتها ثرثرة الفكر المتصلب والقاحل ولو كانت متاحة وافرة رخيصة الثمن.

"احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز"

وصيَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم لك.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين