توازن

خلق الله الإنسان ومنحه أمورأ ثلاثة:
العقل
والعاطفة
والحركة
وجعل العقل مكمن الفهم والقناعات
وجعل العاطفة مكمن الشعور والانفعالات
وجعل الحركة مكمن التجلي للقناعات والانفعالات.
أراد الله منا أن نوازن بين الثلاثة لا أن نختار منها فالتناغم والانسجام الإنساني لا يكون إلا بهذا التوازن والتوازن غير التساوي كما هو معلوم.
من تبع العقل دون عاطفة يبس عود حياته وجفَّ ينبوع تأثيره وعطائه.
ومن تبع العاطفة دون عقل اضطرب شأنه وتشتت أمره ووقع في مهاوي الأمزجة والرغبات.
ومن تحرك دون عقل أو عاطفة كانت حركته مضيعة للوقت ووقوعا في أذى نفسه ومن حوله دون إدراك.
يخطئ من يظن أن استعمال العقل وحده أو العاطفة وحدها أو الحركة
وحدها ميزة بل هو تشوه في الذات وتجزؤ في إنسانية الإنسان.
يميل أغلب الناس نحو العاطفة لأنها الأسهل والأكثر راحة لكونها تفرغ الانفعالات وتصنع التنفيس المطلوب ولكون عملية التفكير من أشق عمليات الحياة والوجود !!!!.
ونخطئ حين نصف إنسانا عركته الحياة أنه قد عقل بعد خفة، ونضج بعد طيش، وأصبح حكيما وليس ذلك بالحكمة إنما الحكمة الحقة هي نضج التوازن بين العقل والعاطفة والحركة.
وتخطئ كثير من الدول والمؤسسات والأفراد وتخفق حين تسوّق برنامجا نافعا ومقنعا دون عاطفة أو تسوّق عاطفيا دون برنامج مقنع!!!!.
إنَّ ميزة الوحي - القرآن والسنة بأقوالها وأفعالها وتقريراتها - أنه يفعّل الثلاثة ويُنمّيها ويحقق التوازن فيها.
{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ } [ محمد:19]
فالعلم بالألوهية قناعة عقلية.
والاستغفار مشاعر عاطفية.
والحركة نحو العلم والاستغفار حركة إيجابية تكميلية.
إن الإيمان بفرضية الصلاة عقل.
والإقبال عليها والخشوع والراحة فيها عاطفة.
والقيام بشروطها وأركانها وسننها حركة.
وإن الإيمان بالزكاة عقل.
والإحساس بتطهيرها للذات من الشح وعون المحتاج عاطفة.
وأداؤها وَفْق أنصبتها ومقاديرها حركة.
وإن مفاهيم التربية للأولاد عقل.
وحبهم والخوف عليهم عاطفة.
ورعايتهم وتلبية حاجاتهم والتعايش معهم حركة.
"فأعط لكل ذي حقٍّ حقه"

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين