معركة إدلب: الخيار الوحيد

الحرب في إدلب قادمة ذات يوم، إن لم يكن في الغد القريب ففي غدٍ بعدَه، لأن نظام الاحتلال الأسدي الطائفي المجرم لا يفرّق بين جزء من سوريا وجزء أو بين منطقة ومنطقة، فهي عنده كلها سواء، كلها ملك له تَملّكه بالانقلاب والاغتصاب والتواطؤ مع أعداء سوريا، حتى صار في عينه حقاً له لا يتنازل عنه وإرثاً لا يفرّط فيه.

الحرب قادمة لأن العالم القبيح كله أراد للثورة أن تفنَى وتنكسر وأراد للنظام أن يبقى وينتصر، فماذا نملك أن نصنع؟ ما هي الخيارات؟ لقد حرق العدو سفننا وهدم الجسور، فلا بقيت لأهل إدلب والشمال سفن يركبونها ولا جسور يعبرونها، لم يبقَ لهم إلا الخيار الذي خرجت به المظاهرات الأولى في الثورة قبل نيّفٍ وسبع سنين: الموت ولا المذلة، الصبر حتى النصر، المضيّ إلى آخر الطريق.

ها هم الأحرار في إدلب والشمال يَمُدّون البصر إلى مناطق الثورة التي سبقتهم بالانهيار والمصالحة فلا يرون من النظام إلا الغدر والتنكيل، ويرون الناس هناك في خوف ما فوقَه خوفٌ وهوان ما بعده هوان. وكيف يَرْجون غير هذا الذي يَرَون والنظامُ المجرم هو النظام، وأجهزة الأمن والمخابرات التي جعلت سوريا على الدوام جحيماً لا يطاق هي ذاتها أجهزة الأمن والمخابرات؟

ها هم أولاء يرون مَن سبقهم إلى المصالحات وقد سيقوا إلى السجون فمات مَن مات منهم تحت التعذيب، أو إلى الجبهات فمات من مات على خطوط النار، فلا رجل يأمن على حياته ولا امرأة على نفسها؛ الرجل والمرأة والكبير والصغير ومَن قاتل النظام ذات يوم ومَن وقف على الحياد، كل أولئك عند النظام مجرمون يستحقون العقاب، فعلامَ الاستسلام لموت ذليل؟ ولِمَ لا يختار الأحرار طريقَ المقاومة والصمود؟

اليوم أدرك أحرار سوريا أن من لم يساعد نفسه لن يساعدَه أحد، وأن أيَّ صديق -مهما صدق- لن يغني عنهم غَناءَهم عن أنفسهم، وأن مصيرهم مقاومة كريمة أو فناء ذليل. اليوم لم يبقَ لأحرار إدلب والشمال إلا المقاومة والصمود، فلا باصات خضراً بالانتظار ولا مهجرَ أمامهم إليه يهاجرون ولا محشرَ إليه يقادون، ليس أمامهم إلا هزيمة بعدها اعتقال وتعذيب وموت وذل يتناسل في الأعقاب، أو مقاومة شريفة آخرُها عيش كريم في الأرض أو شهادة وحياة في جنات النعيم.

#خيارنا_المقاوم

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين