شرعنة

فرق شاسع - في شرعنة التصرفات والقرارات للمؤسسات كافة من الدولة إلى أصغر مؤسسة حتى تصل إلى البيت والأسرة- بين إسباغ الشرعية الدينية على التصرفات والقرارات المبنية على قطعيات الشريعة غير الخاضعة للاجتهاد مثل منع الظلم والكذب وبين ظنيات الشريعة التي يسع فيها الاجتهاد مثل النظم الإدارية والاجتهادات التفصيلية.

يجنح كل مسؤول لتبرير تصرفاته وقراراته من خلال شرعنتها دينيًا لإثبات صوابها وتمريرها وهذا لا إشكال فيه في القطعيات وهي قليلة جدا بطبيعة الحال. 

وأما في الظنيات _ وهي المعظم _ فهو اجتهاد يخطئ ويصيب، ورأي شخصي محض قد يوافق مراد الله وقد لا يوافقه.

فإذا ولاك الله أمرَ قومٍ فاستهد بشريعة الله لكن قل في النهاية: هذا رأيي واجتهادي ولا تسبغ عليه صفة القداسة وقطعية الدليل.

في حديث وصايا النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته فقه عظيم وعريض للمتأملين:

ففي صحيح مسلم عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمّر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ثم قال: ... وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا".

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين